فصل في قضاء رمضان

س)- لقد اختلف العلماء في قضاء رمضان فمنهم من قال بوجوب سرد القضاء ومنهم من قال من شاء فرق ، ومن شاء تابع .اي القولين هو الصحيح؟
لا يصح في هذا الباب شئ لا سلبا ولا إيجابا ، والأمر القرآني بالمسارعة يقتضي وجوب المتابعة إلا لعذر ، وهو مذهب ابن حزم. 
انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.


س)-" قضاء رمضان لا يجب على الفور ، بل يجب وجوبا موسعا في أي وقت"    هل يصح هذا القول بدليل حديث عائشة رضى الله عنها أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان؟
هذا يتنافى مع قوله تعالى  (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) آل عمران133 ، فالحق وجوب المبادرة إلى القضاء حين الاستطاعة ، وهو مذهب ابن حزم  ، وليس يصح في السنة ما يعارض ذلك . 
وأما الاستدلال على عدم الوجوب بقول : " فقد صح عن عائشة أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان . رواه أحمد ومسلم  ، ولم تكن تقضيه عند قدرتها على القضاء" . فليس بصواب ، لأنه ليس في حديث عائشة أنها كانت تقدر أن تقضيه فورا ، بل فيه عكس ذلك ، فإن لفظ الحديث عند مسلم "كان يكون على الصوم من رمضان ، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان ، الشغل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو برسول الله صلى الله عليه وسلم" . وهكذا أخرجه البخاري أيضا في  صحيحه  ، وفي رواية لمسلم عنها قالت : "إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتي شعبان" . فالحديث بروايتيه صريح في أنها كانت لا تستطيع ، ولا تقدر
 على القضاء قبل شعبان ، وفيه إشعار بأنها لو استطاعت لما أخرته ، فهو حجة على من قال بعدم المبادرة ، ولذلك قال الزين بن المنير رحمه الله : "وظاهر صنيع عائشة يقتضي ايثار المبادرة إلى القضاء ، لولا ما منعها من الشغل ، فيشعر بأن من كان بغير عذر ، لا ينبغي له التأخير". 
انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.

س)- من أفطر عامدا متعمدا في نهار رمضان بأكل أو شرب ، هل يشرع له قضاؤه أم لا؟
الظاهر الثاني ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، فقد قال في "الاختيارات": "لا يقضي متعمد بلا عذر صوما ولا صلاة ، ولا تصح منه ، وما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المجامع في رمضان بالقضاء ضعيف ، لعدول البخاري ومسلم عنه". 
وهو مذهب ابن حزم ، ورواه عن أبى بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، وأبي هريرة ، فراجع "المحلى". 
لكن تعليل ابن تيمية ضعف حديث أمر المجامع في رمضان بالقضاء بعدول البخاري ومسلم عنه ليس بشئ عندي ، فكم من حديث عدل الشيخان عنه وهو صحيح ، والحق أنه ثابت صحيح بمجموع طرقه كما قال الحافظ ابن حجر ، وأحدها صحيح مرسل كما كنت بينته في تعليقي على رسالة ابن تيمية في "الصيام"  ، ثم في "إرواء الغليل"  ، فقضاء المجامع من تمام كفارته ، فلا يلحق به غيره من المفطرين عمدا ، ويبقى كلام الشيخ في غيره سليما.
قال ابن حزم : "برهان ذلك أن وجوب القضاء في تعمد القئ قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا قبل ، ولم يأت في فساد الصوم بالتعمد للأكل أو الشرب أو الوطء نص بإيجاب القضاه ، لإنما افترض تعالى رمضان لا غيره على الصحيح المقيم العاقل البالغ ، فإيجاب صيام غيره بدلا منه ، إيجاب شرع لم يأذن الله تعالى به ، فهو باطل ، ولا فرق بين أن يوجب الله تعالى صوم شهر مسمى ، فيقول قائل : إن صوم غيره ينوب عنه بغير نص وارد في ذلك ، وبين من قال : إن الحج إلى غير مكة ينوب عن الحج إلى مكة ، والصلاة إلى غير الكعبة ، تنوب عن الصلاة إلى الكعبة ، وهكذا في كل شئ ، قال الله تعالى : (تلك حدود الله فلا تعتدوها) ، وقال تعالى : (ومن يتغد حدود الله فقد ظلم نفسه) " .
 ثم شرع يرد على المخالفين قياسهم كل مفطر بعمد على المفطر بالقئ وعلى المجامع في رمضان . ثم روى مثل قوله عن الخلفاء الراشدين حاشا عثمان ، وعن ابن مسعود وأبي هريرة . فراجعه. 
قلت : لكن المجامع في رمضان قد صح أنه أمره صلى الله عليه وسلم بالقضاء أيضا .
 انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.


س)- ما عقوبة تارك الصيام ؟
أخرج النسائي في "السنن الكبرى" (4/2/246/3286)- مختصراً-، وابن خزيمة في "صحيحه " (3/237/1986)، وعنه ابن حبان في "الموارد" (445/1800)، والحاكم (1/430و2/209)، وعنه البيهقي (4/266)، والطبراني في "المعجم الكبير" (7667)، والأصبهاني في "الترغيب " (2/608-609) من طريق عبدالرحمن بن يزيد بن جابر عن سليم بن عامر أبي يحيى: حدثني أبو أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: أَتاني رجُلان، فأَخذاَ بضَبعَيَّ، فأَتيَا بي جَبَلاً وعراً، فقالا: اصعد. فقلتُ: إنِّي لا أُطِيقُه. فقالا: إنّا سنُسهّله لك. فصعِدتُ حتّى إذا كنتُ في سَواءِ الجبَل؛ إذا أنا بأصواتٍ شديدةٍ، قلتُ: ما هذه الأصواتُ؟ قالوا: هذا عُواء أهلِ النّارِ ثم انطلقَا بي؛ فإذا أنا بقوم معلَّّقينَ بعَراقِيبهم، مشقّقة أشداقُهم، تسيلُ أشداقُهم دماً، قال، قلتُ: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تَحِلَّةِ صومِهم) صحيح.
فهذه عقوبة من صام ثم أفطر عمداً قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلاً؟! نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة. 
انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم3951.  

_______________

مجموع  فتاوى العلامة الالباني رحمه الله تعالي 
 كتاب الصيام
جمـــع وتـــرتيب  ابو سند فتح الله 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة