(2 - باب صوم التطوع) (الفصل الأول: ما يستحب صيامه)
(6 - كتاب الصيام)
(2 - باب صوم التطوع)
(الفصل الأول: ما يستحب صيامه)
1 -[ صيام ستة أيام من شوال ] :
(يستحب صيام ست من شوال) : لحديث: " من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال؛ فذاك صيام الدهر "، أخرجه مسلم وغيره من حديث أبي أيوب.
وفي الباب أحاديث.
قال في " الحجة البالغة ": " والسر في مشروعيتها: أنها بمنزلة السنن الرواتب في الصلاة، تكمل فائدتها بالنسبة إلى أمزجة لم تتام فائدتها بهم، وإنما خص في بيان الفضيلة التشبه بصوم الدهر؛ لأن من القواعد المقررة أن الحسنة بعشر أمثالها، وبهذه الستة يتم الحساب ". انتهى.
أقول: ظاهر الحديث أنه يكفي صيام ست من شوال، سواء كانت من أوله، أو من أوسطه، أو من آخره، ولا يشترط أن تكون متصلة به لا فاصل بينها وبين رمضان؛ إلا يوم الفطر، وإن كان ذلك هو الأولى؛ لأن الاتباع - وإن صدق على جميع الصور -؛ فصدقه على الصورة التي لم يفصل فيها بين رمضان وبين الست إلا يوم الفطر الذي لا يصح صومه؛ لا شك أنه أولى.
وأما أنه لا يحصل الأجر إلا لمن فعل كذلك فلا؛ لأن من صام ستا من آخر شوال؛ فقد أتبع رمضان بصيام ست من شوال بلا شك، وذلك هو المطلوب.
2 -[ صيام تسع ذي الحجة ] :
(وتسع ذي الحجة) : لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث حفصة عند أحمد، والنسائي، قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر.
وأخرجه أبو داود بلفظ: كان يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل كل شهر، وأول اثنين من الشهر والخميس (1) .
وأخرجه أبو داود بلفظ: كان يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل كل شهر، وأول اثنين من الشهر والخميس (1) .
وقد أخرج مسلم عن عائشة، أنها قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائما في العشر قط.
وفي رواية: لم يصم العشر قط.
وعدم رؤيتها وعلمها لا يستلزم العدم.
وآكد التسع يوم عرفة.
وقد ثبت في " صحيح مسلم " وغيره من حديث أبي قتادة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " صوم يوم عرفة يكفّر سنتين؛ ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يكفّر سنة ماضية ".
3 -[ صيام شهر المحرم ] :
(و) أما صيام شهر (محرم) : فلحديث أبي هريرة عند مسلم، وأحمد، وأهل " السنن ": أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل: أي الصيام بعد رمضان أفضل؟ فقال: " شهر الله المحرم ".
وآكده يوم عاشوراء؛ لما ورد فيه من الأحاديث الثابتة في " الصحيحين "، وغيرهما عن جماعة من الصحابة: أنه صلى الله عليه وسلم صامه وأمر بصيامه، ثم قال: " هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء صام، ومن شاء فليفطر؛ وقد تقدم أنه يكفر سنة ماضية.
وثبت في " مسلم " (2) ، وغيره: أنه لما أمر بصيامه؛ قالوا: يا رسول الله! إنه يوم يعظمه اليهود والنصارى؟ فقال: " إذا كان العام المقبل - إن شاء الله -؛ صمنا التاسع "، فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: وعليه أهل العلم، واستحب أكثرهم أن يصوم التاسع والعاشر.
وفي " العالمكيرية ": ويكره صوم يوم عاشوراء مفردا. انتهى.
وفي الباب أحاديث أخرى أوردها الشيخ عبد الحق الحنفي الدهلوي في
" ما ثبت من السنة في أيام السنة ".
أقول: أما شهر المحرم؛ فلا ريب أنه قد خصه دليل صحيح ناطق؛ بأنه أفضل الصيام المتطوع به، ولم يعارضه في هذه الأفضلية إلا ما قيل في صوم يوم عرفة، وقد ذكر الجمع الماتن - رحمه الله - في " شرح المنتقى ".
4 -[صيام شهر شعبان] :
(وشعبان) : لحديث أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما إلا شعبان؛ يصل به رمضان "؛ أخرجه أحمد، وأهل " السنن " - وحسنه الترمذي (3) -.
وفي " الصحيحين " من حديث عائشة: ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان؛ كان يصومه إلا قليلا؛ بل كان يصومه كله.
وفي لفظ: وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان.
5 -[صيام الاثنين والخميس] :
(والاثنين والخميس) : لحديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الاثنين والخميس؛ أخرجه أحمد، والترمذي - وصححه -، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان - وصححه -.
وأخرج نحوه أبو داود من حديث أسامة بن زيد.
وأخرجه أيضا النسائي، وفي إسناده مجهول؛ مع أنه قد صححه ابن خزيمة.
وأخرج أحمد، والترمذي من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تعرض الأعمال كل اثنين وخميس، فأحب أن يُعرض عملي؛ وأنا صائم ".
وفي " صحيح مسلم ": أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين؟ فقال: " ذاك يوم ولدت فيه، وأنُزل علي فيه ".
6 -[صيام أيام البيض] :
(وأيام البيض) : لحديث أبي قتادة عند مسلم وغيره، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان؛ فهذا صيام الدهر كله ".
وأخرج أحمد، والنسائي، والترمذي، وابن حبان - وصححه - من حديث أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا صمت من الشهر ثلاثة؛ فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة ".
وفي الباب أحاديث.
قال في " الحجة البالغة ": " وقد اختلفت الرواية في اختيار تلك الأيام؛ فورد: " يا أبا ذر! ... " إلخ.
وورد: كان يصوم من الشهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء، والأربعاء، والخميس.
وورد: من غرة كل شهر ثلاثة أيام.
وورد: أنه أمر أم سلمة بثلاثة أولها الاثنين والخميس.
ولكل وجه ". انتهى.
ولكل وجه ". انتهى.
7 -[صوم يوم وإفطار يوم أفضل التطوع] :
(وأفضل التطوع؛ صوم يوم وإفطار يوم) : لحديث عبد الله بن عمرو في " الصحيحين " وغيرهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صم في كل شهر ثلاثة أيام "، قلت: فإني أقوى من ذلك، فلم يزل يرفعني، حتى قال: " صم يوما، وأفطر يوما؛ فإنه أفضل الصيام، وهو صوم أخي داود - عليه السلام - ".
قال في " الحجة البالغة ": " واختلفت سنن الأنبياء - عليهم السلام - في الصوم، فكان نوح - عليه السلام - يصوم الدهر، وكان داود - عليه السلام - يصوم يوما ويفطر يوما، وكان عيسى - عليه السلام - يصوم يوما ويفطر يومين أو أياما، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في خاصة نفسه يصوم حتى يقال: لا يفطر، ويفطر حتى يقال: لا يصوم، ولم يكن يستكمل صيام شهر؛ إلا رمضان، وذلك أن الصيام ترياق، والترياق لا يستعمل إلا بقدر المرض، وكان قوم نوح - عليه السلام - شديدي الأمزجة، حتى روي عنهم ما روي، وكان داود - عليه السلام - ذا قوة ورزانة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " وكان لا يفر إذا لاقى "، وكان عيسى - عليه السلام - ضعيفا في بدنه، فارغا لا أهل له ولا مال، فاختار كل واحد ما يناسب الحال، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم عارفا بفوائد الصوم والإفطار، مطلعا على مزاجه وما يناسبه، فاختار بحسب مصلحة الوقت ما شاء ".
_________________
(1) • هذا لفظ أبي داود، وأخرجه النسائي بلفظ: ثم الخميس، ثم الخميس؛ مرتين، وإسناده صحيح.
وقد وقع في إسناد هذا الحديث ومتنه اختلاف، بينته في " التعليقات الجياد " (4 / 38) ؛ ورجحت فيه ما علقته هنا من رواية النسائي. (ن)
وقد وقع في إسناد هذا الحديث ومتنه اختلاف، بينته في " التعليقات الجياد " (4 / 38) ؛ ورجحت فيه ما علقته هنا من رواية النسائي. (ن)
(2) • (3 / 150) . (ن)
(3) • (2 / 51) ، قلت: وسنده صحيح على شرطهما. (ن)
_______________
تعليقات
إرسال تعليق