فصل في الإيمان باليوم الآخر
فصل في الإيمان باليوم الآخر
باب في الإيمان بعلامات القيامة الصغرى والكبرى
س)- هل ثبتت فتنة الدجال؟
إن فتنة الدجال فتنة عظيمة , ولذلك أمر بالاستعاذة من شرها كما في حديث " تعوذوا بالله من فتنة الدجال ، قالوا : نعوذ بالله من فتنة الدجال " وفي أحاديث أخرى , حتى أمر بذلك في الصلاة قبل السلام , كما ثبت في البخاري وغيره , وأحاديث الدجال كثيرة جداً , بل هي متواترة عند أهل العلم بالسنة.
ولذلك جاء في كتب العقائد وجوب الإيمان بخروجه في آخر الزمان , كما جاء فيها وجوب الإيمان بعذاب القبر وسؤال الملكين.
انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم159.
س)- هل الدجال من البشر؟
قال عليه الصلاة والسلام (الدجال أعور، هجان أزهر (( وفي رواية: أقمر )) كأن رأسه أصلة، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن، فإما هلك الهلك، فإن ربكم تعال ليس بأعور) ، والحديث صريح في أن الدجال الأكبر من البشر، له صفات البشر، لا سيما وقد شبه به عبد العزى بن قطن، وكان من الصحابة. فالحديث من الأدلة الكثيرة على بطلان تأويل بعضهم الدجال بأنه ليس بشخص، وإنما هو رمز للحضارة الأوروبية وزخارفها وفتنتها! فالدجال من البشر، وفتنه أكبر من ذلك، كما تضافرت على ذلك الأحاديث الصحيحة، نعوذ بالله منه.
انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1193.
س)- ما حكم من انكر خروج المهدي , و نزول عيسى عليه السلام؟
حديث (من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد , و من أنكر نزول عيسى بن مريم فقد كفر , و من أنكر خروج الدجال فقد كفر , و من لم يؤمن بالقدر خيره و شره فقد كفر , فإن جبريل عليه السلام أخبرني بأن الله تعالى يقول : من لم يؤمن بالقدر خيره و شره فليتخذ ربا غيري) حديث باطل .
واعلم أن الإيمان بكل ما ذكر في هذا الحديث من خروج المهدي , و نزول عيسى , و بالقدر خيره و شره , كل ذلك واجب الإيمان به , لثبوته في الكتاب و السنة , و لكن ليس هناك نص في أن "من أنكر ذلك فقد كفر" , و من أجل هذا أوردت الحديث و بينت وضعه , و هو ظاهر الوضع , و كأنه من وضع بعض المحدثين أو غيره من الجهلة , وضعه ليقيم به الحجة على منكري ذلك من ذوي الأهواء و المعتزلة , و لن تقوم الحجة على أحد بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم و الافتراء على الله تعالى , فقاتل الله الوضاعين ما أجرأهم على الله عز وجل .
و التكفير ليس بالأمر السهل , نعم من أنكر ما ثبت من الدين بالضرورة بعدما قامت الحجة عليه , فهو الكافر الذي يتحقق فيه حقيقة معنى كفر , و أما من أنكر شيئا لعدم ثبوته عنده , أو لشبهة من حيث المعنى , فهو ضال , و ليس بكافر مرتد عن الدين شأنه في ذلك شأن من ينكر أي حديث صحيح عند أهل العلم , والله أعلم.
انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1082.
س)- أرجو بيان حكم الإسلام فيما نسمعه عن مسخ بعض الناس على صور حيوانات؟
في السؤال غموض؛ لأنه إن كان يعني (ببعض الناس) ما أخبر الله عز وجل في القرآن الكريم، أن الله تبارك وتعالى قال لليهود الذين عصوا أنبياءهم: (كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [البقرة:65] فلا مجال للسؤال عن هذا ما دام أنه جاء في النص القرآني. أما إن كان يعني بذلك أنه سمع أن بعض الناس مسخوا، فأنا لا أعلم بشيء من هذا أنه وقع، وما نعلم أن أحداً مسخ إلا بخبر القرآن، ونعلم أنه سيقع مسخ في آخر الزمان، لكن متى يكون ذلك؟ الله أعلم. كذلك إذا كان السؤال الأول يربطه بالإسلام، فالإسلام أخبر بأن المسخ وقع، وأخبر بأنه سيقع بالنسبة لبعض العصاة والفساق والفجار، ولعل السائل يشكل عليه ما قد يقرؤه في بعض التفاسير الحديثة، التي لا تجري في تفسيرها للآيات مجرى مذهب السلف الصالح، فهم يحكمون عقولهم في بعض النصوص القرآنية، التي يثقل عليهم تبني معانيها الظاهرة، مثل ما نحن فيه الآن من القول بالمسخ لليهود، فمع تصريح القرآن بذلك فهم تأولوا هذا المسخ بأنه مسخ خُلُقي وليس مسخاً بدنياً، أي: صارت أخلاقهم كأخلاق القردة!! ما الداعي إلى هذا التضييق للمسخ؟! فالذين يمسخون مسخاً حقيقياً قردة أو خنازير، بطبيعة الحال تصبح أخلاقهم أخلاق القردة والخنازير، فلماذا القول مسخوا من جهة ولم يمسخوا من جهة أخرى؟! والآيات التي جاءت في هذا الصدد مطلقة، فلا شيء يحملهم على تضييق دائرة المسخ إلا استبعادهم أن يستحق هؤلاء الكفار من اليهود قتلة الأنبياء ذلك المسخ. فأقول: سبحان الله! هل هؤلاء هم الذين يحكمون على الله، ويضعون لهم منهاجاً لنسبة التعذيب، فلا يجوز لله أن يمسخ الذين يقتلون الأنبياء بغير حق قردة وخنازير! من الذي يحكم على الله بذلك؟!! فهذا تفسير أقل ما يقال فيه أنه تفسير مبتدع، وحديث لا يعرفه السلف الصالح فضلاً عن بعده عن اللغة العربية: (فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [البقرة:65] لا سيما والسنة -كما تعلمون- دائماً وأبداً تأتي لتوضح القرآن الكريم، ولترد على أهل البدع والأهواء، فقد جاء في صحيح مسلم : (إن الله عز وجل لم يمسخ قوماً فجعل لهم نسلاً، وإنما كانت القردة والخنازير قبل ذلك) وفي هذا رد على بعض القصص التي قد توجد في بعض كتب الرقائق والمواعظ ولا سند لها، من أن القرود الموجودة اليوم هي من سلالة اليهود الممسوخين قردة، وهذا لا أصل له؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث يعطينا فائدتين: الفائدة الأولى: يؤكد فيها المعنى الظاهر من الآية الكريمة، من أن المسخ مسخ حقيقي. والفائدة الأخرى: أن الله عز وجل إذا مسخ قوماً أهلكهم، ولا يبقيهم يتناسلون، وهذا هو الذي يجب أن ندين الله به فيما يتعلق بقضية المسخ، كما أن المسخ كان وسيكون؛ لأنه جاء في ذلك بعض الأحاديث الصحيحة، ومن أشهرها حديث البخاري : (ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف، يمسون في لهو ولعب، ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير).
دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية .
باب في ما جاء في فتنة القبر
س)- هل ثبت في السنة عذب القبر؟
الأحاديث في ذلك متواترة , فلا مجال للشك فيه بزعم أنها آحاد , ولو سلمنا أنها آحاد , فيجب الأخذ بها لأن القرآن يشهد لها , قال تعالى (وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)غافر45-46 ، ولو سلمنا أنه لا يوجد في القرآن ما يشهد لها , فهي وحدها كافية لإثبات هذه العقيدة , والزعم بأن العقيدة لا تثبت بما صح من أحاديث الآحاد زعم باطل دخيل في الإسلام , لم يقل به أحد من الأئمة الأعلام - كالأربعة وغيرهم- بل هو مما جاء به بعض علماء الكلام بدون برهان من الله ولا سلطان , وقد كتبنا فصلاً خاصاً في هذا الموضوع الخطير في كتاب لنا , أرجو أن أوفق لتبييضه ونشره على الناس.
انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم159.
س)- هل عذاب القبر متواصل أم منقطع؟
ربنا قال في القرآن الكريم في حق فرعون وجماعته (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا) (غُدُوًّا وَعَشِيًّا) ، هذا بالنسبة لاهل أكفر الناس فرعون وجماعته ، الذين اتخذوه إلهاً من دون الله ، أما الآخرين لا شك يعني من الفساق من المسلمين يكون عذابهم دون ذلك، أما تفصيل بين كم وكم فهذا ليس له ذكر في السنة.
انتهى كلام الالباني من الفتوى الحادية عشر المستخرجة من الشريط التاسع من سلسلة الهدى و النور.
س)- هل سؤال الملكين في القبر ثابت؟
إن سؤال الملكين في القبر حق ثابت , فيجب اعتقاده , والأحاديث فيه متواترة.
انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم159.
س)- قلت في مسألة: إن الموتى لا يسمعون، وقد جاء في أحاديث إثبات السماع للموتى مثل: (إن الميت يسمع قرع نعال المشيعين عند انصرافهم عنه) فهل يصح هذا الحديث؟ وكيف نوفق بينه وبين ما سبق أن قلت في هذا الخصوص؟
أولاً: هذا الحديث صحيح؛ لأنه مخرج في صحيح البخاري : (إذا وضع الميت في قبره وانصرف الناس عنه إنه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون) هذا الحديث صحيح، لكن هذا كذاك، أي: هذا مستثنى من القاعدة العامة؛ لأنه يقول: (حين) فهو ليس في كل حين يسمع، فنفس الحديث يعطيك تخصيصاً ولا يعطيك العموم: (يسمع قرع نعالهم حين...) فما معنى (حين)؟ أي: وقت، (حين يولون عنه مدبرين) لكن هل يعني الحديث: أن الموتى كلما مر مار من المقابر فهم مشغولون بسماع قرع نعالهم؟ الجواب: لا.
السائل: ألا يحمل المعنى على وجه البلاغة كما في بعض الإعلانات؟
ما هو الذي يحمل يا أخي! حدد كلامك؟
السائل: في قوله: (يسمع قرع نعالهم) مثلاً: في إعلان عن شقة، نقول: شقة ترى البحر، فهي لا ترى البحر ولكنها في موضع يسمح لمن فيها برؤية البحر، فهنا المعنى يحمل على أن الصوت يصل إليهم، فلو أن حياً في مكانهم لسمع قرع النعال.
أتعني أنهم لا يسمعون؟
السائل: نعم.
في النهاية أنك تعني: أنهم لا يسمعون قرع نعالهم؟
السائل: أنا أتصور والله أعلم.
أنا أسألك حتى أفهم منك، أتعني أنهم لا يسمعون قرع النعال؟
السائل: قد يحمل المعنى على ذلك، والله أعلم.
وقد لا يحمل، فما الذي تستفيده من القدقدة؟! ثم أنا أذكر السائل وسائر الحاضرين بقاعدة لغوية مهمة جداً: إذا دار الأمر بين التقدير وعدمه؛ فالأصل عدم التقدير. بعبارة أخرى: إذا أمكننا أن نفسر العبارة أو الجملة العربية من كلام الله، أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو أي جملة عربية إذا أمكننا أن نفسرها على الحقيقة؛ فلا يجوز تفسيرها على المجاز، إلا إذا قامت القرينة الشرعية أو العقلية، فحينئذٍ يقال: وجدت القرينة التي تضطرنا إلى تفسير الآية أو الحديث، أو الجملة العربية على المجاز وليس على الحقيقة. لكن إذا دار الأمر بدون وجود قرينة بين تفسير الجملة على الحقيقة أو على المجاز؛ فالأصل الحقيقة وليس المجاز، وإلا فسدت اللغة، وفسد استعمالها بين الناس، فإذا قال قائل: جاء الأمير، فهل يجوز للسامع أن يفهم جاء خادم الأمير؟ على الرغم من أن هذا التعبير عربي معروف، وهو بتقدير مضاف محذوف، لكن لا يجوز؛ لأنه ليس هناك ما يضطر السامع أن يتأول قول القائل: جاء الأمير. بمعنى: ليس الأمير، وإنما جاء خادمه، أو نائبه .. إلخ، ولو فتح هذا الباب لفسد التفاهم بين الناس باللغة العربية، ومن هنا كان من رد العلماء والفقهاء على غلاة الصوفية الذين يقولون -بما يعرف عند العلماء- بوحدة الوجود، والذين يتكلمون بعبارات صريحة في الكفر وفي وحدة الوجود، فيأتي المدافعون بالباطل عن أولئك الصوفية فيتأولون كلامهم تأويلاً يتفق في نهاية المطاف مع الشريعة، فنحن نقول لهؤلاء: بهذه الطريقة لا يمكن أن نقول: إن هذا الكلام كفر، وقد قلت مرة لبعضهم: ائتني بأي جملة فيها كفر في ظاهر العبارة، وأنا -على طريقتكم- أجعلها توحيداً خالصاً؛ وهذه الطريقة هي تأويل النصوص، مثلاًَ: لما قال قائلهم المغرق في الضلال:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا وما الله إلا راهب في كنيسته
فيتكلفون في تأويل: (وما الكلب والخنزير إلا إلهنا). أي: إلا إلى هنا، (إلى) حرف جر بعده (هنا)، ما هذا التأويل؟! لذلك مثل هذا التأويل يمكن إجراؤه على أي عبارة، مثلاً: أنا أقول لو قال قائل: القسيس خلق السموات والأرض، ما رأيكم في هذا الكلام يجوز أو لا يجوز؟ بالإجماع لا يجوز، لكن أنا أجعله توحيداً بطريقة الصوفية، وهو رب القسيس، وهذا معروف في اللغة، وهو تقدير مضاف محذوف، على حد قوله تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) [يوسف:82] اسأل ماذا؟ حيطانها؟! شجرها؟! لا. إنما أهلها، كذلك العير، لكن هذا المضاف المحذوف، الأسلوب العربي نفسه يوحي به إلى السامع، فهنا لا يتساءل أحد: يا ترى هل المقصود هنا فعلاً القرية؟ الجواب: لا. ولذلك تسمية هذا التعبير في اللغة العربية بالمجاز مما يدفعه ابن تيمية رحمه الله في رسالته الخاصة بالحقيقة
والمجاز، يقول: إن تسمية هذه العبارة بأنها مجاز من باب حذف المضاف، فهذا اصطلاح طارئ، وإلا فالعرب ما كانوا يفهمون من هذه العبارة إلا معنى واحداً هو الذي يسمونه بالمجاز بحذف المضاف، كذلك -مثلاً- في الأسلوب العربي: سال الميزاب، على طريقة المتأخرين في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز، حقيقة هذه العبارة سال الميزاب، أي: الميزاب من شدة الحرارة ذاب وصار سائلاً؛ لكن مَن من العرب إذا سمع هذه العبارة يتبادر إلى ذهنه المعنى الذي يسمونه حقيقة؟ فيقولون: هنا المقصود المجاز، هذا المعنى الذي يسمونه مجازاً في هذا المثال هو المعنى الحقيقي المراد منه، سال الميزاب، أي: سال ماء الميزاب، مثل: واسأل القرية تماماً، وهكذا أمثلة كثيرة يذكرها ابن تيمية، منها مثلاً: جرى النهر، النهر: هو الأخدود الذي يجري فيه الماء، فعندما يقول العربي: جرى النهر، فلا هو يعني: جرى الأخدود نفسه بدون ماء، ولا السامع منهم من العرب يفهم إلا الذي أراده، أي: جرى ماء النهر. إذاً: تسمية هذه التعابير بأنها مجاز يقول ابن تيمية : هذا خطأ، المجاز: هو الذي يخرج المعنى الظاهر من العبارة إلى معنى آخر لوجود قرينة، لكن هنا لا معنى آخر إلا معنى واحد محدد وهو: اسأل القرية، أي: أهلها.. سال الميزاب، أي: ماؤه.. جرى النهر أي: ماؤه، من هنا يصل ابن تيمية إلى الرد على المتأخرين الذين يتأولون آيات وأحاديث الصفات، بأن يلجئوا إلى ارتكاب طريق التأويل وهو سلوك طريق المجاز، لكن ما الذي يضطرهم إلى ترك فهم المعاني من هذه الآيات وتلك الأحاديث المتعلقة كلها بالصفات على حقائقها، لا سيما وهم يقولون -المتقدمون منهم والمتأخرون- الأصل في كل عبارة أن تفسر على حقيقتها، فمثلاً قوله تبارك وتعالى: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) [الفجر:22] أي: بذاته، فيقولون: لا يجوز هذا الفهم، ويتأولونه (جاء رحمة ربك)، فأيّ مضاف محذوف يقدمونه؟ وعلى ذلك فقس، ونحن نقول: الحق كما نطق الحق في كتابه (وجاء ربك) لكن كيف يجيء؟ لا ندري، وهذا البحث طرقه العلماء قديماً وحديثاً، ونحن في مناسبة قريبة تعرضنا لمثله أيضاً.
الخلاصة: أن الكلام العربي أول ما ينبغي أن يفسر به هو على الحقيقة، فقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا وضع الميت في قبره فإنه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون) فهو يسمع قرع النعال على الحقيقة، بل أنا أقول خلاف ما قلت أنت، فلا يمكن أن نتصور أنه يسمع كل شيء؛ لأنه هو بكل شيء سميع وهذا أمر مستحيل! لكن ما دام أن الأصل أن الموتى لا يسمعون كما شرحنا لكم آنفاً، فإذا جاء نص ما يعطي لميت ما أو موتى سماعاً ما نستثنيه من القاعدة، نقول: إن المشركين في القليب سمعوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن ما كان يجري حولهم من أحاديث الصحابة، وحينما قال عمر : يا رسول الله! إنك لتنادي أجساداً لا أرواح فيها. لا نقول إنهم سمعوا قول عمر ؛ لأن سماعهم لقول الرسول معجزة للرسول فيوقف عندها. كذلك في هذا الحديث: يسمع الميت قرع نعالهم وحسب، وما نزيد على ذلك، لسببين اثنين: أولاً: أنه خلاف الأصل، وهو: أن الموتى لا يسمعون. ثانياً وأخيراً: أن الأمور الغيبية -وهذا من الغيب في البرزخ- لا يتوسع فيها أبداً، والحق الوقوف عند النص، وعدم الزيادة عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية .
تعليقات
إرسال تعليق