اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين.
اعلم أرشدك (1) الله لطاعته
أن الحنيفية (2) ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين.
وبذلك أمر الله (3) جميع الناس ،
وخلقهم لها ،
كما قال تعالى :
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
ومعنى يعبدون : يوحدوني ،
وأعظم ما أمر الله به : التوحيد (4) ،
وهو إفراد الله بالعبادة ،
وأعظم ما نهى عنه الشرك،
وهو دعوة غيره معه (5) ،
والدليل قوله تعالى :
{ وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا } .
فإذا قيل لك :
ما الأصول الثلاثة (6) التي يجب على الإنسان معرفتها ؟
فقل :
معرفة العبد ربه
ودينه
ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم.
____________________________
(1) قال ـ رحمه الله ـ : اعلم أرشدك الله لطاعته ، جمع ـ رحمه الله ـ بين التعليم والدعاء .
(2) الحنيفية ملة إبراهيم ، وهي أن تعبد الله مخلصا له الدين ، وهي التي قال الله فيها لنبيه : { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا } . فالحنيفية هي الملة التي فيها الإخلاص لله وموالاته ، وترك الإشراك به سبحانه . والحنيف هو الذي أقبل على الله ، وأعرض عما سواه ، وأخلص له العبادة ؛ كإبراهيم وأتباعه، وهكذا الأنبياء وأتباعهم .
(3) قال : وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها ؛ فأمرهم بالتوحيد والإخلاص ، وخلقهم ليعبدوه ، وأمرهم بأن يعبدوه وحده في صلاتهم ، وصومهم ، ودعائهم ، وخوفهم ، ورجائهم ، وذبحهم ، ونذرهم ، وغير ذلك من أنواع العبادة ، كله لله ، كما قال تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ } ، وقال : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ، وقال سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } . هذه العبادة هي التي خلق لها الناس ، خلق لها الثقلان وهي توحيد الله ، وطاعة أوامره ، واجتناب نواهيه ، قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونَ } : يعني يوحدوني في العبادة ، ويخصوني بها ، بفعل الأوامر ، وترك النواهي إلى غير ذلك من الآيات .
(4) وأعظم ما أمر الله به التوحيد . وهو إفراد الله بالعبادة فتقصده بالعبادة دون كل من سواه ، فلا تعبد معه صنما ولا نبيا ولا ملكا ولا حجرا ولا جنيا ولا غير ذلك .
(5) الشرك دعوة غيره معه ، وقد قال سبحانه : { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، وقال سبحانه : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ، وفي (الصحيحين) : أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سئل : أيُّ الذَّنْبِ أعظم ؟ قال : أنْ تجعلَ لله نِدًّا وهو خلقك . قيل : ثم أيّ ؟ قال : أن تقتلَ ولدَك خشيةَ أن يطعمَ معك . قيل : ثم أي ؟ قال : أن تزني بحليلة جارك " . فبين ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الشرك أعظم الذنوب وأشدها وأخطرها . وفي الحديث الآخر يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر . قلنا : بلى يا رسول الله ! قال : الإشراك بالله" . الحديث متفق عليه . فالتوحيد هو إفراد الله بالعبادة . والشرك : هو دعوة غير الله مع الله . تدعوه أو تخافه أو ترجوه أو تذبح له أو تنذر أو غير ذلك من أنواع العبادة . هذا الشرك الأكبر سواء كان المدعو نبيا أو جنيا ، أو شجرا أو حجرا أو غير ذلك ، ولهذا قال تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا } ، فــ {شَيْئًا } : نكره في سياق النهي ، فتعم كل شيء ، وقال سبحانه : { وَمَا أُمِرُواْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } ، فأعظم ما أمر الله به التوحيد ، وهو إفراد الله بالعبادة . وأعظم ما نهى الله عنه هو الشرك بالله عز وجل ، كما تقدم . ولهذا أكثر سبحانه وتعالى في القرآن من الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك .
(6) هذه الأصول الثلاثة تجمع الدين كله من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ وهي التي يسأل عنها العبد في قبره.
___________________
شرح ثلاثة الأصول
لسماحة الشيخ العلاَّمة :
عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالي
لسماحة الشيخ العلاَّمة :
عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالي
تعليقات
إرسال تعليق