الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياب؛ اقتداء بالأنبياء عليهم السلام

4 - (الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياب؛ اقتداء بالأنبياء عليهم السلام).

1122 - (1) [صحيح لغيره] روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
حجَّ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على رَحْلٍ رَثٍّ، وقطيفةٍ خَلِقةٍ تساوي أربعةَ دراهم، أو لا تساوى، ثم قال:
"اللهمَّ حجةً لا رياءَ فيها ولا سُمْعةً".
[صحيح لغيره] رواه الترمذي في "الشمائل"، وابن ماجه، والأصبهاني؛ إلا أنه قال:
"لا تساوي أربعةَ دراهمَ".

1123 - (2) [صحيح لغيره] ورواه الطبراني في "الأوسط" من حديث ابن عباس.
(القطيفة): كساء له خمل.

1124 - (3) [صحيح] وعن ثمامة قال:
حجَّ أنسٌ على رحلٍ، ولم يكن شحيحًا، وحدَّث:
أَن النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجَّ على رَحلٍ، وكانت زاملَتَه.
رواه البخاري.

1125 - (4) [حسن] وعن قدامة بن عبد الله -وهو ابن عَمّار- قال:
رِأيتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمي الجمرةَ يومَ النحرِ على ناقةٍ صهباءَ (1) لا ضربَ، ولا طردَ، ولا: إِليك إِليك.
رواه ابن خزيمة في "صحيحه" وغيره.


1126 - (5) [صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
كنا مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين مكة والمدينة، فمررنا بواد، فقال:
"أيُّ وادٍ هذا؟ ".
قالوا: وادي الأزرق. قال:
"كأَني أنظر إلى موسى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فذكر من طول شعرِه شيئاً لا يحفظه داود- (2) واضعاً إصبعيه في أذنيه له جُؤارٌ إلى الله بالتلبية، ماراً بهذا الوادي". قال: ثم سرنا حتى أتينا على ثَنيَّةٍ، فقال:
"أَيُّ ثَنيَّةٍ هذه؟ ".
قالوا: ثنية (هَرْشى) أو (لَفْتٌ). قال:
"كأَني أَنظر إلى يونسَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ناقةٍ حمراءَ عليه جُبَّةُ صوفٍ وخِطامُ ناقتِه خُلْبَةٌ، ماراً بهذا الوادي مُلَبِّياً".
رواه ابن ماجه بإسناد صحيح (3)، وابن خزيمة، واللفظ لهما.
ورواه الحاكم بإسناد على شرط مسلم، ولفظه:
أنَّ رسول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتى على وادي الأزرق، فقال:
"ما هذا؟ ".
قالوا: وادي الأزرق. فقال:
"كأَني أَنظر إِلى موسى مُهبِطاً له جؤارٌ إلى الله بالتكبير. ثم أَتى على ثنية [(هَرْشى)، فقال:
"أيُّ ثنيَّةٍ هذه؟ ".
فقالوا: ثنية (هرشى)]. فقال:
"كأَني أَنظُرُ إلى يونس [بن مَتّى عليه السلام] (4) على ناقةٍ حمراءَ جَعْدَةٍ (5)، خِطامُها ليف، وهو يلبي (6) وعليه جبَّة صوف".
(هرشى) بفتح الهاء وسكون الراء بعدهما شين معجمة مقصور: ثنية قريب (الجُحْفةِ).
و (لِفَت) بكسر اللام وفتحها أيضًا: هو ثنية جبل (قديد) بين مكة والمدينة.
و (الخُلبة) بضم الخاء المعجمة وسكون اللام: هي الليف كما جاء مفسراً في الحديث.


1127 - (6) [حسن لغيره] وعنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"صلَّى في مسجدِ الخيف سبعون نبياً منهم موسى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كأني أنظُرُ إليه وعليه عباءتان قَطَوانيَّتان وهو محرمٌ، على بعيرٍ من إِبل شنوءة، مخطوم بخطام ليف، له ضفيرتان".
رواه الطبراني في "الأوسط" (7)، وإسناده حسن.
(قَطَوان) بفتح القاف والطاء المهملة جميعاً: موضع بالكوفة إليه تُنسب العُبيُّ والأكسية.


1128 - (7) [حسن لغيره] وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"لقد مر بـ (الرَّوحاءِ) (8) سبعون نبياً، فيهم نبيُّ اللهِ موسى، حفاةً، عليهم العباءُ، يَؤُمّونَ بَيتَ اللهِ العتيق".
رواه أبو يعلى والطبراني، ولا بأس بإسناده في المتابعات.

1129 - (8) [حسن لغيره] ورواه أبو يعلى أيضاً من حديث أنس بن مالك.

1130 - (9) [حسن لغيره] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"كأَني أَنظرُ إلى موسى بن عمران في هذا الوادي؛ مُحرِماً بين قَطَوانيَّتَين".
رواه أبو يعلى، والطبراني في "الأوسط" بإسنادٍ حسن.

1131 - (10) [حسن لغيره] وعن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن رجلًا قال لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنِ الحاجُّ؟. . .
قال: فأَيُّ الحجِّ أفضلُ؟ قال:
"العَجُّ والثَّجُّ".
قال: وما السبيلُ؟ قال:
"الزادُ والراحلةُ".
رواه ابن ماجه بإسنادٍ حسن.
[حسن] وتقدم [1 - باب/ 19 - حديث] في حديث ابن عمر:

"وأَما وقوفُك عشيةَ عرفةَ؛ فإِن اللهَ يهبطُ إلى سماءِ الدنيا فيباهي بكم الملائكةَ، يقول: عبادي جاؤني شعثا من كل فَجٍّ عميقٍ، يرجون جَنَّتي، فلو كانت ذنوبُكم كعددِ الرملِ، أو كقَطْرِ المَطَرِ، أَو كزبَدِ البحرِ؛ لغفرتُها. أَفيضوا عبادي مغفوراً لكم، ولمن شفعتم له" الحديث.
وفي رواية ابن حبان قال:
"فإذا وقفَ بعرفةَ، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يَنزل إلى السماءِ الدنيا فيقولُ:
انظُروا الى عبادي شُعْثاً غُبراً، اشهدوا أَني غفرتُ لهم ذنوبَهم، وإنْ كانتْ عدَدَ قَطْرِ السماءِ، ورملِ عالجٍ
" الحديث.
(الشَّعِثُ) بكسر العين: هو البعيدُ العهدِ بتسريحِ شعرِه وغسله.
و (التَّفِلُ) بفتح التاء المثناة فوق وكسر الفاء: هو الذي ترك الطيبَ والتنظيفَ حتى تغيّرت رائحته.
و (العجُّ) بفتح العين المهملة وتشديد الجيم: هو رفع الصوت بالتلبية، وقيل: بالتكبير.
و (الثجُّ) بالمثلثة: هو نحر البُدْن.

1132 - (11) [صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"إن الله يباهي بأَهلِ عرفاتٍ ملائكةَ السماءِ، فيقول: انظروا إلى عبادي هؤلاء، جاؤني شُعْثاً غُبراً".
رواه أحمد، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:
"صحيح على شرطهما".
وسيأتي أحاديث من هذا النوع في " [9 -] الوقوف" إن شاء الله تعالى.

___________
(1) من (الصهبة)، وهي كالشقرة، و (الأصيهب) تصغيره، قاله الخطابي، والمعروف أن (الصهبة) مختصة بالشعر، وهي حمرة يعلوها سواد، كذا في "النهاية".(2) داود هذا هو ابن أبي هند، رواه عن أبي العالية عن ابن عباس، وفي رواية مجاهد عن ابن عباس: "وأما موسى فرجل آدم جعد، على جمل أحمر مخطوم بخلبة".
(3) قلت: هو كما قال، لكنه أبعد النجعة في عزوه إليه فقط، فقد أخرجه مسلم أيضاً، لكن في كتاب "الإيمان" (1/ 106). وعنده أيضاً الرواية التي عزاها للحاكم؛ فوهم هذا في استدراكه على مسلم، لا سيما ورواية مسلم أتم، والزيادات له، وبعضها عند الحاكم أيضاً..
(4) انظر التعليق السابق.
(5) قال ابن الأثير: "أي: مجتمعة الخلق شديدة".
(6) وفي رواية أخرى للحاكم: "يقول: لبيك اللهم لبيك".
(7) كذا قال، وعزاه الهيثمي لـ "الكبير"، والصواب العزو إليهما معاً دفعاً للإيهام وهو في "الكبير" (11/ 452 - 453)، و"الأوسط" (6/ 193/ 5403)، وفيه عطاء بن السائب، لكن له شاهد، وهما مخرجان في "تحذير الساجد" (ص 106 - 107)، ومن جهل المعلقين أنهم قالوا: "حسن"، ثم أعلوه" باختلاط عطاء!!
(8) على وزن (الصفراء): موضع بين مكة والمدينة. والزيادة من "مسند أبي يعلى" وغيره.
_____________________

صَحِيحُ التَّرْغِيب وَالتَّرْهِيب
تأليف
محمد ناصر الدين الألباني
رحمه الله
مكتَبة المَعارف لِلنَشْرِ والتوزيْع
لِصَاحِبَهَا سَعد بن عَبْد الرحمن الراشِد الريَاض
المكتبة الشاملة 







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة