الإهلال بالحج يوم التروية ... الوقوف في عرفة ... الإفاضة ... وصلاة الفجر في المزدلفة
الإهلال بالحج يوم التروية:
58- فإذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة أحرم وأهل بالحج فيفعل كما فعل عند الإحرام بالعمرة من الميقات. من الاغتسال والتطيب ولبس الإزار والرداء والتلبية. ولا يقطعها إلا عقب رمي جمرة العقبة.
59- ويحرم من الموضع الذي هو نازل فيه حتى أهل مكة يحرمون من مكة.
60- ثم ينطلق إلى منى فيصلى فيها الظهر، ويبيت فيها حتى يصلي سائر الصلوات قصراً دون جمع. يصلي سائر الصلوات الخمس قصرا دون جمع.
الانطلاق إلى عرفة:
61- فإذا طلعت شمس يوم عرفة انطلق إلى عرفة وهو يلبي أو يكبر كل ذلك فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم معه في حجته يلبي الملبي فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه(1).
62- ثم ينزل في نمرة(2)، وهو مكان قريب من عرفات وليس منها ويظل بها إلى ما قبل الزوال.
63- فإذا زالت الشمس رحل إلى عرنة ونزل فيها(1). وهي قبيل عرفة وفيها يخطب الإمام الناس خطبة تناسب المقام.
64- ثم يصلي بالناس الظهر والعصر قصرا وجمعا في وقت الظهر.
65- ويؤذن لهما أذانا واحدا وإقامتين.
66- ولا يصلي بينهما شيئا(3).
67- ومن لم يتيسر له صلاتهما مع الإمام، فليصلهما كذلك وحده, او مع من حوله من أمثاله(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) أخرجه الشيخان.
(2) وهذا النزول والذي بعده يتعذر اليوم تحققه لشدة الزحام فإذا جاوزهما إلى عرفة فلا حرج إن شاء الله قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى "26 / 168":
وأما ما تضمنته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المقام بمنى يوم التروية والمبيت بها الليلة التي قبل يوم عرفة ثم المقام ب عرنة - التي بين المشعر الحرام وعرفة - إلى الزوال والذهاب منها إلى عرفة والخطبة والصلاتين في أثناء الطريق ببطن عرنة فهذا كالمجمع عليه بين الفقهاء وإن كان كثير من المصنفين لا يميزه وأكثر الناس لا يعرفه لغلبة العادات المحدثة.
(3) قلت: وكذلك لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه تطوع قبل الظهر وبعد العصر هنا وفي سائر أسفاره ولم يثبت أنه صلى شيئا من الرواتب فيها إلا سنتي الفجر والوتر.
(4) البخاري عن ابن عمر تعليقاً. انظر "مختصر البخاري" (25/89/3).
(1) أخرجه الشيخان.
(2) وهذا النزول والذي بعده يتعذر اليوم تحققه لشدة الزحام فإذا جاوزهما إلى عرفة فلا حرج إن شاء الله قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى "26 / 168":
وأما ما تضمنته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المقام بمنى يوم التروية والمبيت بها الليلة التي قبل يوم عرفة ثم المقام ب عرنة - التي بين المشعر الحرام وعرفة - إلى الزوال والذهاب منها إلى عرفة والخطبة والصلاتين في أثناء الطريق ببطن عرنة فهذا كالمجمع عليه بين الفقهاء وإن كان كثير من المصنفين لا يميزه وأكثر الناس لا يعرفه لغلبة العادات المحدثة.
(3) قلت: وكذلك لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه تطوع قبل الظهر وبعد العصر هنا وفي سائر أسفاره ولم يثبت أنه صلى شيئا من الرواتب فيها إلا سنتي الفجر والوتر.
(4) البخاري عن ابن عمر تعليقاً. انظر "مختصر البخاري" (25/89/3).
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
الوقوف في عرفة
68- ثم ينطلق إلى عرفة فيقف عند الصخرات أسفل جبل الرحمة إن تيسر له ذلك وإلا فعرفة كلها موقف.
69- ويقف مستقبلا القبلة رافعا يديه يدعو ويلبي.
70- ويكثر من التهليل فإنه خير الدعاء يوم عرفة لقوله صلى الله عليه وسلم:"أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"(1).
71- وإن زاد في التلبية أحيانا إنما الخير خير الآخرة جاز(2).
72- والسنة للواقف في عرفة ألا يصوم هذا اليوم.
73- ولا يزال هكذا ذاكرا ملبيا داعيا بما شاء راجيا من الله تعالى أن يجعله من عتقائه الذين يباهي بهم الملائكة كما في الحديث:"ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟"(3).
وفي حديث آخر:"إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول: انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبر(4). ولا يزال هكذا حتى تغرب الشمس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) حديث حسن أو صحيح له طرق خرجتها في الصحيحة "1503".
(2) لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم كما هو مبين في الأصل.
(3) رواه مسلم وغيره. انظر الترغيب "2 / 129".
(4) رواه أحمد وغيره وصححه جماعة كما بينته في "تخريج الترغيب".
(1) حديث حسن أو صحيح له طرق خرجتها في الصحيحة "1503".
(2) لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم كما هو مبين في الأصل.
(3) رواه مسلم وغيره. انظر الترغيب "2 / 129".
(4) رواه أحمد وغيره وصححه جماعة كما بينته في "تخريج الترغيب".
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
الإفاضة من عرفة:
74- فإذا غربت الشمس أفاض من عرفات إلى مزدلفة وعليه السكينة والهدوء لا يزاحم الناس بنفسه أو دابته أو سيارته فإذا وجد خلوة أسرع.
75- فإذا وصلها أذن وأقام وصلى المغرب ثلاثا ثم أقام وصلى العشاء قصرا وجمع بينهما.
76- وإن فصل بينهما لحاجة لم يضره ذلك(1).
77- ولا يصلي بينهما ولا على إثر كل واحدة منهما شيئا(2).
78- ثم ينام حتى الفجر.
79- فإذا تبين له الفجر صلى في أول وقته بأذان وإقامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) قال شيخ الإسلام ابن تيمية لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في البخاري "25 / 94 / 801". من مختصر البخاري.
(2) قال شيخ الإسلام: فإذا وصل إلى مزدلفة صلى المغرب قبل تبريك الجمال إن أمكن ثم إذا بركوها صلوا العشاء وإن أخر العشاء لم يضره ذلك.
(1) قال شيخ الإسلام ابن تيمية لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في البخاري "25 / 94 / 801". من مختصر البخاري.
(2) قال شيخ الإسلام: فإذا وصل إلى مزدلفة صلى المغرب قبل تبريك الجمال إن أمكن ثم إذا بركوها صلوا العشاء وإن أخر العشاء لم يضره ذلك.
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
صلاة الفجر في المزدلفة
80- ولا بد من صلاة الفجر في المزدلفة لجميع الحجاج إلا الضعفة والنساء فإنه يجوز لهم أن ينطلقوا منها بعد نصف الليل خشية حطمة الناس.
81- ثم يأتي المشعر الحرام "وهو جبل في المزدلفة" فيرقى عليه ويستقبل القبلة فيحمد الله ويكبره ويهلله ويوحده ويدعو ولا يزال كذلك حتى يسفر جدا.
82- ومزدلفة كلها موقف فحيثما وقف فيها جاز.
83- ثم ينطلق قبل طلوع الشمس إلى منى وعليه السكينة وهو يلبي.
84- فإذا أتى بطن محسر أسرع السير إذا أمكنه وهو من منى.
85- ثم يأخذ الطريق الوسطى التي تخرجه على الجمرة الكبرى.
86- ويلتقط الحصيات التي يريد أن يرمي بها جمرة العقبة في منى وهي آخر الجمرات وأقربهن إلى مكة.
87- ويستقبل الجمرة ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه.
88- ويرميها بسبع حصيات مثل حصى الخذف وهو أكبر من الحمصة قليلا.
89- ويكبر مع كل حصاة(1).
90- ويقطع التلبية مع آخر حصاة(2).
91- ولا يرميها إلا بعد طلوع الشمس ولو كان من النساء أو الضعفة الذين أبيح لهم الانطلاق من المزدلفة بعد نصف الليل فهذا شيء والرمي شيء آخر(3).
92- وله أن يرميها بعد الزوال ولو إلى الليل إذا وجد حرجا في رميها قبل الزوال كما ثبت في الحديث.
93- فإذا انتهى من رمي الجمرة حل له كل شيء إلا النساء ولو لم ينحر أو يحلق فيلبس ثيابه ويتطيب.
94- لكن عليه أن يطوف طواف الإفاضة في اليوم نفسه إذا أراد أن يستمر في تمتعه المذكور وإلا فإنه إذا أمسى ولم يطف عاد محرما كما كان قبل الرمي فعليه أن ينزع ثيابه ويلبس ثوبي الإحرام لقوله صلى الله عليه وسلم:
"إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم منه إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرما لهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة قبل أن تطوفوا به"(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) وأما زيادة: "اللهم اجعله حجا مبرورا... " التي يذكرها بعض المصنفين فلم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما بينته في الضعيفة "1107".
(2) رواه ابن خزيمة في صحيحه وقال: هذا حديث صحيح مفسر لما أبهم في الروايات الأخرى وأن المراد بقوله: حتى رمي جمرة العقبة أي أتم رميها فتح الباري "3 / 426".
(3) وهذا مما فصلت القول في الأصل فراجعه إن شئت أن تكون على بينة من الأمر "ص 80".
(1) وأما زيادة: "اللهم اجعله حجا مبرورا... " التي يذكرها بعض المصنفين فلم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما بينته في الضعيفة "1107".
(2) رواه ابن خزيمة في صحيحه وقال: هذا حديث صحيح مفسر لما أبهم في الروايات الأخرى وأن المراد بقوله: حتى رمي جمرة العقبة أي أتم رميها فتح الباري "3 / 426".
(3) وهذا مما فصلت القول في الأصل فراجعه إن شئت أن تكون على بينة من الأمر "ص 80".
(4) وهو حديث صحيح وقد قواه جمع منهم الإمام ابن القيم كما بينته في صحيح أبي داود "1745".
ولما اطلع على هذا الحديث بعض أفاضل أهل العلم قبل ذيوع الرسالة استغربوه ، وبعضهم بادر إلى تضعيفه - كما كنت فعلت أنا نفسي في بعض مؤلفاتي - بناء على الطريق التي عند أبي داود وهذه مع أنها قواها الإمام ابن القيم في التهذيب والحافظ في التلخيص بسكوته عليه فقد وجدت له طرقا أخرى يقطع الواقف عليها بانتفاء الضعف عنه وارتقائه إلى مرتبة الصحة ولكنها في مصدر غير متداول عند الجماهير وهو شرح معاني الآثار للإمام الطحاوي خفيت عليه كما خفيت علي من قبل فلذلك بادروا إلى الاستغراب أو التضعيف. وشجعهم إلى ذلك أنهم وجدوا من قال من العلماء فيه: لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به. وهذا نفي وهو ليس علما فإن من المعلوم عند أهل العلم أن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه فإذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صريح الدلالة كهذا وجبت المبادرة إلى العمل به ولا يتوقف ذلك على معرفة موقف أهل العلم منه كما قال الإمام الشافعي:
"يقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه وإن لم يمض عمل من الإئمة بمثل الخبر الذي قبلوا إن حديث رسول الله يثبت بنفسه لا يعمل غيره بعده".
قلت: فحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل من أن يستشهد عليه بعمل الفقهاء به فإنه أصل مستقل حاكم غير محكوم. ومع ذلك فقد عمل بالحديث جماعة من أهل العلم منهم عروة بن الزبير التابعي الجليل فهل بعد هذا لأحد عذر في ترك العمل به؟ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}. وتفصيل هذا الإجمال في المصنف الآنف الذكر.
ولما اطلع على هذا الحديث بعض أفاضل أهل العلم قبل ذيوع الرسالة استغربوه ، وبعضهم بادر إلى تضعيفه - كما كنت فعلت أنا نفسي في بعض مؤلفاتي - بناء على الطريق التي عند أبي داود وهذه مع أنها قواها الإمام ابن القيم في التهذيب والحافظ في التلخيص بسكوته عليه فقد وجدت له طرقا أخرى يقطع الواقف عليها بانتفاء الضعف عنه وارتقائه إلى مرتبة الصحة ولكنها في مصدر غير متداول عند الجماهير وهو شرح معاني الآثار للإمام الطحاوي خفيت عليه كما خفيت علي من قبل فلذلك بادروا إلى الاستغراب أو التضعيف. وشجعهم إلى ذلك أنهم وجدوا من قال من العلماء فيه: لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به. وهذا نفي وهو ليس علما فإن من المعلوم عند أهل العلم أن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه فإذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صريح الدلالة كهذا وجبت المبادرة إلى العمل به ولا يتوقف ذلك على معرفة موقف أهل العلم منه كما قال الإمام الشافعي:
"يقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه وإن لم يمض عمل من الإئمة بمثل الخبر الذي قبلوا إن حديث رسول الله يثبت بنفسه لا يعمل غيره بعده".
قلت: فحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل من أن يستشهد عليه بعمل الفقهاء به فإنه أصل مستقل حاكم غير محكوم. ومع ذلك فقد عمل بالحديث جماعة من أهل العلم منهم عروة بن الزبير التابعي الجليل فهل بعد هذا لأحد عذر في ترك العمل به؟ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}. وتفصيل هذا الإجمال في المصنف الآنف الذكر.
واعلم أن رمي الجمرة لأهل الموسم بمنزلة صلاة العيد لغيرهم ولهذا استحب أحمد أن تكون صلاة أهل الأمصار وقت النحر بمنى ولهذا خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الجمرة كما كان يخطب في المدينة بعد صلاة العيد فاستحباب بعضهم صلاة العيد في منى أخذا بالعمومات اللفظية أو القياسية غلط وغفلة عن السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه لم يصلوا بمنى عيدا قط كما في فتاوى ابن تيمية "26 / 180".
________
كتاب مناسك الحج والعمرة
تأليف: محمد ناصر الدين الالباني الناشر: مكتبة المعارف
الطبعة الاولى
إعداد موقع روح الاسلام مع التعديل اليسير
تعليقات
إرسال تعليق