الذكر والدعاء بعد الصلاة ... صفة عقد التسبيح ... الاستعاذةُ والتَّفْلُ في الصلاة لدفع الوسوسة
الذكر والدعاء بعد الصلاة
258ـ قال ثوبان رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرفَ مِن صلاتِهِ استغفرََ الله ثَلاثاً, وقال:
(( اللهمَّ أنتَ السَّلامُ, ومنكَ السلامُ, تبارَكتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ ))
[صحيح الكلم 88]
259ـ وعن معاذ بن جبـل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقـال: يا معاذُ! إني والله لأحبُّك, فلا تدَعَنَّ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ أن تقولُ:
(( اللهمَّ أعِنِّي على ذِكركَ وشُكرِكَ وحُسنِ عبادَتِك))
[صحيح أبي داود 1362]
260ـ وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فَرَغَ من الصلاة قال:
(( لا إلهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له, لهُ الملكُ وله الحمدُ, وهـو على كلِّ شيءٍ قديرٌ, اللهمَّ لا مانِعَ لما أعطيتَ, ولا مُعطي لما منعتَ, ولا ينفعُ ذا الجدِّ منكَ الجدُّ ))
[صحيح الكلم 89]
261ـ وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان يقولُ: دُبُرَ كلِّ صلاةٍ حين يُسلِّمُ: قبل أن يقوم يرفع بذلك صوته :
(( لا إلهَ إلا الله وحدَهُ, لا شريكَ له, لهُ الملكُ, وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ, لا حولَ ولا قوَّة إلا بالله, لا إله إلا الله, ولا نعبدُ إلا إيَّاهُ له, النِّعمةُ ,ولهُ الفضلُ, وله الثناءُ الحسنُ, لا إلهَ إلا الله, مخلِصينَ له الدينَ ولو كرهَ الكافرون))
قال الشيخ رحمه الله :
ويشهد لرفع الصوت ـ بهذا الذكر أو بغيره مما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ـ قول ابن عباس: أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته. رواه الشيخان
وفي رواية لهم : كنت أعرف انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير.
قلت:
ورواية التكبير هذه لعلها رواية بالمعنى, والمحفوظ الرواية التي قلبها: (الذكر) فإن الأذكار الواردة في (الصحيحين) وغيرهما من (السنن) و(المسانيد)و(المعاجم) وغيرها على كثرتها, وقد استوعب الحافظ الطبراني جمعاً غفيراً منها في( جامع أبواب القـول في أدبـار
الصلوات) من كتابه(الدعاء) ولبس في شيء منها أنه ( كان يكبر بعد المكتوبة, حتى ولا في الأذكار التي حض أمته على أن يقولوها دبر الصلوات.
ثم إن الأصل في الأذكار خفض الصوت فيها كما هو المنصوص عليه في الكتاب والسنة إلا ما استثني, وبخاصة إذا كان في الرفع تشويش على مصلّ أو ذاكر, ولا سيما إذا كان بصوت جماعي كما يفعلون في التهليلات العشر في بعض البلاد العربية غير مبالين بقوله صلى الله عليه وسلم : (( يا أيها الناس كلكم يناجي ربه, فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة, فتؤذوا المؤمنين )) وهو حديث صحح.
ولهذا قال الإمام الشافعي في [الأم 1/110] عقب حديث ابن عباس المذكور:ـ وأختار للإمام والمأموم أن يذكر الله بعد الانصراف من الصلاة, ويخفيان الذكر إلا أن يكون إماماً يجب أن يُعلَّم منه, فيجهر حتى يرى أنه قد تُعلِّم منه ثم يُسِرُّ, فإن الله سبحانه وتعالى يقول:( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) يعني ـ والله تعالى أعلم ـ الدعاء (ولا تجهر) : ترفع, (ولا تخافت) :حتى لا تسمع نفسك, وأحسب أن ما روى ابن الزبير من تهليل النبي صلى الله عليه وسلم , وما روى ابن عباس من تكبيره ..إنما جهر قليلاً ليتعلم الناس منه, وذلك لأن عامة الروايات التي كتبناها ليس يُذكر فيها بعد التسليم تهليل ولا التكبير, وقد يذكر أنه ذكر أنه ذكر بعد الصلاة بما وصفت, ويذكر انصرافه بلا ذكر, وذكرت أم سلمة مكثه ولم يذكر جهراً, وأحسبه لم يكن إلا ليذكر ذكراً غير جهر)
قلت:
وهذا غاية في التحقيق والفقه من هذا الإمام جزاه الله خيراً.
وأقول: وإذا كان من الثابت من السنة أن يجهر الإمام في الصلاة السرية أحياناً للتعليم كما في (الصحيحين) وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمعهم الآية في صلاة الظهر والعصر وكما صح عن عمر رضي الله عنه أنه كان يسمعهم دعاء الاستفتاح (سبحان اللهم .. )
أقول:
فإذا كان هذا جائزاً, فبالأولى أن يجوز رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة للغاية نفسها: التعليم. وهذا ظاهر والحمد لله .أهـ
[الصحيحة 3160][7/454و455و456]
262ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن فُقراءَ المهاجرينَ أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذَهَبَ أهلُ الدُّثور بالدَّرَجات العُلى, والنَّعيمِ المقيمِ, يُصلُّونَ كما نُصلِّي, ويَصومونَ كما نَصومُ, ولهم فَضْلٌ مِن أموالٍ يحجُّون بها, ويعتمِرونَ, ويجاهِدونَ, ويتصدَّقونَ فقال:
(( ألا أعلِّمُكُم شيئاً تُدرِكونَ به من سبقَكُم, وتسبِقونَ به مَن بعدَكُم, ولا يكونُ أحدٌ أفضَلَ منكُم إلا من صَنَعَ مثلَ ما صنعتُم؟))
قالوا: بلى يا رسول الله, قال: (( تُسبِّحونَ, وتحمَدونَ, وتُكَبِّرونَ, خلفَ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً و ثلاثين ))
قال أبو صالح يقولُ: سبحانَ الله, والحمدُ لله, والله أكبرُ, حتى يكونَ منهنَّ كلِّهِنَّ ثلاثاً وثلاثين.
[صحيح الكلم 91]
263ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من سبح لله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين, وحمد الله ثلاثاً وثلاثين, وكبر الله ثلاثاً وثلاثين, وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ))
[الصحيحة 100ـ101]
264ـ عن كعب بن عجرة رضي الله عنه مرفوعاً :
(( مُعَقِّباتٌ لا يخيبُ قائِلُهُنَّ أو فاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صلاةٍ مكتوبة:ٍ ثلاثٌ وثلاثونَ تَسبيحَة,ً وثلاثٌ وثلاثونَ تحميدةً, وأربعٌ وثلاثونَ تكبيرةً ))
[الصحيحة 102]
265ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً رأى فيما يرى النائمُ, قِيلَ لهُ: بأي شيءٍ أمركُمْ نبيكُمْ صلى الله عليه وسلم ؟ قال: أمرنَا أنْ نُسبحَ ثلاثاً وثلاثينَ, ونحمدَ ثَلاثاً وثلاثينَ, ونُكبِّرَ أرْبعاً و ثلاثينَ, فتلك مائةٌ, قال: سَبِّحُوا خمساً وعشرينَ, واحمدُوا خمساً وعشرينَ, وكبرُوا خمساً وعشرينَ, و(هلّلُوا)(1) خمساً وعشرينَ, فتلكَ مائةٌ, فلمَّا أصبحَ ذكرَ ذلكَ للنّبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( فعَلُوا كمَا قالَ الأنصاريُّ))
قال الشيخ رحمه الله :
فقوله: (( التهليل )) لا يتبادر منه إلا قوله: (( لا إله إلا الله )) فإنه المراد من اللغة كما في (لسان العرب) والزيادة عليه تحتاج إلي نص هنا وهو مفقود.
فالظاهر أن المقصود من الحديث أن يقول: (( سبحان الله, والحمد
لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر )) خمساً وعشرين, لا يضره بأيهن بدأ. والله أعلم .أهـ
[تمام المنة 228][صحيح النسائي1350]
266ـ عن عبد الرحمن بن غَنْمٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( من قال قَبل أنْ ينصرفَ ويَثنيَ رِجلَيه من صلاةِ المغربِ والصبحِ: لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له, له الملكُ, وله الحمدُ, يحيي ويميت, وهو على كل شيءٍ قدير عشرَ مرات كتب الله له بكل واحدة عشرَ حسناتٍ, ومحا عنه عشرَ سيئاتٍ, ورفَعَ له عشرَ درجاتٍ, وكانت حِرزاً من مكروه, وحِرزاً من الشيطان الرجيم, ولم يحلَّ لذنبٍ أن يُدركه إلا الشركُ, وكان من أفضل الناس عَمـَلاً يَفضلُهُ, يقول أفضلَ مما قال ))
[صحيح الترغيب 477]
267ـ عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعاً:
(( من قال في دُبُرَ صلاة الغَداةِ: (( لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له, له الملكُ, وله الحمدُ, يحيي ويميت, بيده الخير, وهو على كل شيءٍ قدير ))
مائة مرةٍ وهو ثانٍ رِجليه كان يومئذٍ أفضل أهل الأرض عملاً إلا من قال مثل ما قال أو زاد على ما قال ))
قال الشيخ رحمه الله :
وقوله (( وهو ثانٍ رجليه )) كنت لا أعمل بها حتى وقفت على هذا الشاهد.. فيه التهليل (مائة) مكان (عشر) والكل جائز لثبوتها].أهـ
[الصحيحة2664/تراجع العلامة 98]
268ـ عن رجلٍ من الأنصار قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة:
(( اللهمَّ اغفِرْ لي, وتُبْ عليَّ إنّكَ أنتَ التوّابُ الغفور [مائة مرة] ))
[الصحيحة 2603]
269ـ وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد الفجر:
(( اللهمَّ إني أسألكَ علماً نافعاً, وعملاً متقبلاً ورزقاً طيباً))
[هداية الرواة 2432]
270ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( مَنْ سبَّحَ في دُبُرِ صلاةِ الغَداةِ مائةَ تسبيحةٍ, وهللَ مائةَ تهليلةٍ, غُفرتْ لهُ ذنوبُهُ, ولو كانتْ مثل زبدِ البحرِ ))
[صحيح النسائي 1353]
271ـ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( خَصْلَتانِ, أو خلَّتانِ, لا يحافظُ عليهما عبدُ مسلمٌ إلا دخلَ الجنّةَ, وهما يسيرٌ, ومَن يعملُ بهما قليـلٌ: يُسبحُ الله في دُبُرِ كل صـلاةٍ عشراً, ويحمدُه عشراً, ويكبرهُ عشراً, وذلك خمسونَ ومائةٌ باللسان, وألفٌ وخمسمائةٍ في الميزانِ, ويكبرُ أربعاً وثلاثينَ إذا أخذَ مضجعَهُ, ويحمدُ ثلاثاً وثلاثينَ, ويسبحُ ثلاثاً وثلاثينَ, فذلكَ مائةٌ باللّسان, وألفٌ في الميزانِ ))
قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدُها بيده قالوا: يا رسول الله! كيف هما يسيرٌ ومن يعمل بهما قليلٌ قال:(( يأتي أحَدَكم ـ يعني الشيطانَ في منامِهِ ـ فيُنَوِّمُهُ قبلَ أن يقولَ, ويأتيهِ في صلاتِهِ فيذكرُه حاجتَه قبل أن يقولها ))
[صحيح الكلم 93]
272 ــ وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال:
(( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوِّذات (وهي) (قُلْ هو الله أحد ) و ( قُلْ أعوذُ بِربّ الفلق ) و ( قُلْ أعوذُ بِربّ النّاس ) دُبُر كلّ صلاة ))
[الصحيحة645/ 1514]
273ـ عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( مَنْ قرأ آيةَ الكرسيِّ في دُبُر كلّ صلاة, لم يحلْ بينه وبينَ دخول الجنّةِ إلا أن يموتُ ))
[الصحيحة 972]
قال الشيخ رحمه الله :
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه بعد الصلاة إذا دعا, وأما دعاء الإمام وتأمين المصلين عليه بعد الصلاة ـ كما هو المعتاد اليوم في كثير من البلاد الإسلامية ـ فبدعة لا أصل لها كما شرح ذلك الإمام الشاطبي في (الاعتصام) شرحاً مفيداً جداً أعرف له نظيراً فليراجع ممن شاء البسط والتفصيل. أهـ
[الضعيفة 6/60]
قال رحمه الله :
وكان هذا الحديث الضعيف هو أصل ما اعتاده كثير من المصلين في عمان وغيرها, من قولهم دبر كل صلاة: ( يا أرحم الرحمين .. ) ثلاثاً, ولا أصل له في السنة الصحيحة, بل هو مُفوتُ سنن كثيرة كما هو مشاهد منهم, وصدق من قال من السلف: ما أحدثت بدعة إلا وأميت سنة. أهـ
[الضعيفة 7/182]
صفة عقد التسبيح
274ـ عن عبدِ اللهِ بن عَمْرِو رضي الله عنه , قال: رَأَيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَمِيِنِه.
275 ـ عن يُسَيْرَةَ بن ياسر رضي الله عنه أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أمَرَهُنَّ أنْ يُرَاعِينَ بِالتَّكْبِيرِ, والتَّقْدِيسِ, والتَّهلِيل, وأنْ يَعقِدْنَ بِالأنَامِلِ, فَإنَّهنَّ مَسئُولاتٌ, مُستنطَقَاتٌ.
[صحيح أبي داود 1502,1501]
قال الشيخ رحمه الله :
فهذا هو السنة في عدّ الذكر المشروع عدّه, إنما هو باليد, وباليمنى فقط, فالعدّ باليسرى أو باليدين معاً, أو بالحصى كل ذلك خلاف السنة. بل أن السبحة بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده.أهـ
ولو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة, وهي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو كادت, مع اتفاقهم على أنها أفضل لكفى! فإني قلما رأى شيخاً يعقد التسبيح بالأنامل!
ثم إن الناس قد تفننوا بهذه البدعة, فترى بعض المنتمين لإحـدى الطرق يطوق عنقه بالسبحة!! وبعضهم يعد بها وهو يحدثك أو يستمع حديثك! وآخر ما وقعت عيني عليه في ذلك منذ أيام أنني رأيت رجلاً على دراجة عادية, يسير في بعض الطرق المزدحمة بالناس, وفي إحدى يديه سبحة!! يتظاهرون للناس بأنهم لا يغفلون عن ذكر الله طرفه عين! وكثيراً ما تكون هذه البدعة سبباً لإضاعة ما هو واجب, فقد اتفق لي مراراً ـ وكذا لغيري ـ أنني سلمت على أحدهم, فرد علي السلام بالتلويح بها! دون أن يتلفظ بالسلام! ومفاسد هذه البدعة لا تحصى.أهـ
[الضعيفة 1/185و 192][3/ 48]
الاستعاذةُ والتَّفْلُ في الصلاة
لدفع الوسوسة
276ـ قال عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قلت يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يلبسها عليَّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( ذاك شيطان يقال له: خِنْـزبٌ, فإذا أحسسته فتعوذ بالله منـه, واتفُل على يسارك ثلاثاً)) ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
[صفة الصلاة 128]
تعليقات
إرسال تعليق