الحديث الحادي عشر

الحديث الحادي عشر
عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دَع ما يريبُك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".


   





1 هذا الحديث فيه الأمرُ بترك ما يرتاب المرءُ فيه ولا تطمئنّ إليه نفسه، ويحدث قلقاً واضطراباً في النفس، وأن يصير إلى ما يرتاح إليه قلبُه وتطمئنّ إليه نفسه. وهذا الحديث شبيه بما تقدَّم في حديث النعمان بن بشير: "فمن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام"، وهما يدلاَّن على أنَّ المتَّقي ينبغي له ألاَّ يأكل المال الذي فيه شبهة، كما يحرم عليه أكل الحرام.

2 قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/280) : 
"ومعنى هذا الحديث يرجع إلى الوقوف عند الشبهات واتِّقائها؛ فإنَّ الحلالَ المحضَ لا يحصلُ للمؤمن في قلبه منه ريب، والريب بمعنى القلق والاضطراب، بل تسكن إليه النفس، ويطمئنّ به القلب، وأمَّا المشتبهات فيحصل بها للقلوب القلق والاضطراب الموجب للشكِّ".

وقال أيضاً (1/283) : "وها هنا أمرٌ ينبغي التفطُّن له، وهو أنَّ التدقيق في التوقف عن الشبهات إنَّما يصلح لِمَن استقامت أحواله كلُّها، وتشابهت أعماله في التقوى والورع، فأمَّا مَن يقع في انتهاك المحرَّمات الظاهرة، ثم يريد أن يتورَّع عن شيء من دقائق الشُّبَه، فإنَّه لا يحتمل له ذلك، بل يُنكر عليه، كما قال ابن عمر لِمَن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: "يسألوني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين ، وسمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: (هما ريحانتاي من الدنيا) ".

مِمَّا يُستفاد من الحديث:

1 ترك ما يكون فيه ريبة، والأخذ بما لا ريبة فيه.

2 أنَّ تركَ ما يُرتاب فيه فيه راحة للنفس وسلامتها من القلق.

_____________

فتح القوي المتين
في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله
تأليف العلامة
عبد المحسن بن حمد العباد البدر

- حفظه الله -
المكتبة الشاملة 
________________________
التعريف براوي الحديث :
الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، سبط النبي ﷺ ، والسبط: هو ابن البنت، وابن الابن يسمى: حفيداً، وقد وصفه النبي ﷺ بأنه الإمام السيد، ريحانة رسول الله ﷺ، وسيد شباب أهل الجنة، أبو محمد القرشي المدني الشهيد [ رضي الله عنه ]، ابن فاطمة الزهراء رضي الله عنها، مولده في شعبان سنة ثلاث من الهجرة، وقيل: نصف رمضان، وهو أكبر من أخيه الحسين[ رضي الله عنه ] بعام، وهو سيد شباب أهل الجنة، حج خمسًا وعشرين مرة، وتولى الخلافة بعد أبيه، واستمر في الخلافة نحو ستة أشهر بالحجاز واليمن والعراق وخراسان، ثم دعاه كرمُه وحِلمه وورعُه لتركها لمعاوية[ رضي الله عنه] رفقًا بالمسلمين، روى عن النبي ﷺ ثلاثة عشر حديثًا، ومات مسمومًا سنة خمسين، رضي الله عنه وأرضاه. فقد قال الرسول ﷺ عنه :(إِنَّ ابْنِي هذَا سَيِّدٌ،وَسَيُصْلِحُ اللهُ بهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ) وكان الأمر كذلك، فإنه بعد أن استشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبويع بالخلافة للحسن تنازل عنها لمعاوية رضي الله عنه، فأصلح الله بهذا التنازل بين أصحاب معاوية وأصحاب علي رضي الله عنهما، وحصل بذلك خير كثير. وهو أفضل من أخيه الحسين رضي الله عنهما، لكن تعلقت الرافضة بالحسين لأن قصة قتله رضي الله عنه تثير الأحزان، فجعلوا ذلك وسيلة، ولو كانوا صادقين في احترام آل البيت لكانوا يتعلقون بالحسن أكثر من الحسين، لأنه أفضل منه.
(منقول





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة