تحذير الساجد من إتخاذ القبور مساجد الفصل الأول : أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد

تحذير الساجد من إتخاذ القبور مساجد 


الفصل الأول : أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد

1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرضه الذي لم يقم منه :
« لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » قالت : 
 فلولا ذاك أُبرِزَ (1) قبره ، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً (2)
________________
(1) أي كشف قبره صلى الله عليه و سلم ولم يتخذ عليه الحائل ، والمراد الدفن خارج بيته ، كذا في « فتح الباري » 

فائدة : قول عائشة هذا ، يدلّ دلالة واضحة على السبب الذي من أجله دفنوا النبي صلى الله عليه و سلم في بيته ، ألا وهو سد الطريق على من عسى أن يبني عليه مسجداً ، فلا يجوز والحالة هذه أن يتخذ ذلك حجة في دفن غيره صلى الله عليه و سلم في البيت يؤيد ذلك أنه خلاف الأصل لأن السنة الدفن في المقابر ، ولهذا قال ابن عروة في « الكوكب الدري » ( ق 188 / 1 تفسير 548 ) :
" والدفن في مقابر المسلمين أعجب إلى أبي عبد الله ( يعني : الإمام أحمد ) من الدفن في البيوت ، لأنه أقل ضررا على الأحياء من ورثته ، وأشبه بمساكن الآخرة وأكثر للدعاء له والترحم عليه ولم يزل أصحابه والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحارى .
فإن قيل : فالنبي صلى الله عليه و سلم قبر في بيته وقبر صاحبه معه ؟ قلنا : قالت عائشة : إنما فعل ذلك لئلا يتخذ قبره مسجداً ، ولأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يدفن أصحابه بالبقيع ، وفعله أولى من فعل غيره ، وإنما أصحابه رأوا تخصيصه بذلك ، ولأنه روي :« يدفن الأنبياء حيث يموتون » ، وصيانة لهم عن كثرة الطراق ، وتمييزاً له عن غيره "

(2) رواه البخاري ( 3 / 156 و 198 و 8 / 114 ) ومسلم ( 2 / 76 ) وأبو عوانة ( 1 / 399 ) وأحمد ( 6 / 80 و 121 و 255 ) والسراج في " مسنده " ( 3 / 48 / 2 ) عن عروة عنها .
وأحمد ( 6 / 146 و 252 ) والبغوي في " شرح السنة " ( ج 1 ص 415 ) طبع المكتب الإسلامي عن سعيد بن المسيب عنها . وسنده صحيح على شرط الشيخين .


___________________________
___________________________


ومثل قول عائشة هذا ما روي عن أبيها رضي الله عنهما فأخرج ابن
 زنجويه عن عمر مولى غفرة قال :
 لما أئتمروا في دفن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال قائل : ندفنه حيث كان يصلي في مقامه ! وقال أبو بكر : معاذ الله أن نجعله وثناً يعبد ، وقال الآخرون : ندفنه في البقيع حيث دفن إخوانه من
 المهاجرين ، قال أبو بكر : إنا نكره أن يخرج قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى البقيع ، فيعوذ به من الناس من لله عليه حق ، وحق الله فوق حق رسوله صلى الله عليه و سلم ، فإن أخرجناه ( الأصل : أخرناه ) ضيعنا حق الله ، وإن أخفرناه (!) أخفرنا قبر رسول صلى الله عليه و سلم قالوا : فما ترى أنت يا أبا بكر ؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : « ما قبض الله نبياً قط إلا دفن حيث قبض روحه » قالوا : فأنت والله رضي مقنع ، ثم خطوا حول الفراش خطاً ، ثم احتمله عليّ والعباس والفضل وأهله ، ووقع القوم في الحفر يحفرون حيث كان الفراش(1) . 

2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
« قاتلَ اللهُ اليهودَ ؛ اتخذوا قُبُورَ أنبيائِهِمْ مَسَاجِد »(2) .
_____________
(1) قال ابن كثير : وهو منقطع من هذا الوجه ؛ فإن عمر مولى غفرة مع ضعفه لم يدرك أيام الصديق . كذا في ( الجامع الكبير ) للسيوطي ( 3 / 147 / 1-2 )

(2) رواه البخاري ( 2 / 422 ) ، ومسلم ، وأبو عوانة ، وأبو داود ( 2 / 71 ) وأحمد ( 2 / 284 و 366 و 396 و 453 و 518 ) ، وأبو يعلى في «مسنده» ( 278 / 1 ) ، والسراج ، والسهمي في « تاريخ جرجان » ( 349 ) ، وابن عساكر ( 14 / 367 / 2 ) عن سعيد بن المسيب عنه .ومسلم أيضا عن يزيد بن الأصم عنه .وأخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " ( 1 / 406 / 1589 ) من الوجه الأول عنه ، ولكنه أوقفه .


___________________________
___________________________


3 و 4 - عن عائشة وابن عباس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما حضرته الوفاة جعل يلقي على وجهه طرف خميصة(1) له فإذا اغتمّ كشفها عن وجهه ، وهو يقول : « لعنة الله على اليهود والنصارى  اتّخذوا قبور أنبيائِهم مساجِد » . تقول عائشةُ : يحذر مثل الذي صنعوا.(2)

قال الحافظ ابن حجر : " وكأنه صلى الله عليه و سلم علم أنه مرتحل من ذلك المرض ، فخاف أن يعظم قبره كما فعل من مضى ، فلعن اليهود والنصارى إشارة إلى ذم من يفعل فعلهم " .

قلت : يعني من هذه الأمة وفي الحديث الآتي (6) التصريح بنهيهم عن ذلك ، فتنبه .
____________
(1) ثوب خز أو صوف معلم . كذا في " النهاية "
قلت : والمراد هنا الثاني لأن الخز هو الحرير كما هو المعروف الآن وهو حرام على الرجال كما هو ثابت في السنة خلافاً لمن يستحله ممن لا يقيم للسنة وزنا .

(2) رواه البخاري ( 1 / 422 و 6 / 386 و 8 / 116 ) ومسلم ( 2 / 67 ) وأبو عوانة ( 1 / 399 ) والنسائي ( 1 / 115 ) والدرامي ( 1 / 326 ) وأحمد ( 1 / 218 و 6 / 34 و 229 و 275 ) وابن سعد في «الطبقات» ( 2 / 258 ) . ورواه عبد الرزاق في «المصنف» ( 1 / 406 / 1588 ) عن ابن عباس وحده .

___________________________
___________________________


5 - عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما كان مرض النبي صلى الله عليه و سلم تذاكر بعض نسائه كنيسة بأرض الحبشة ، يقال لها : مارية - وقد كانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة - فذكرن من حسنها وتصاويرها ، قالت : [ فرفع النبي صلى الله عليه و سلم رأسه ] فقال : « أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ، ثم صوروا تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله [ يوم القيامة ] »(1).

قال الحافظ ابن رجب في " فتح الباري " :
" هذا الحديث يدل على تحريم بناء المساجد على قبور الصالحين ، وتصوير صورهم فيها ، كما يفعله النصارى ، ولا ريب أن كل واحد منهما محرم على انفراده ؛ فتصوير صور الآدميين يحرم ، وبناء القبور على المساجد بانفراده يحرم ، كما دلت عليه نصوص أخر يأتي ذكر بعضها ." قال : "والتصاوير التي في الكنيسة التي ذكرتها أم حبيبة وأم سلمة كانت على الحيطان ونحوها ولم يكن لها ظل ، فتصوير الصور على مثال صور الأنبياء والصالحين للتبرك بها والاستشفاع بها يحرم في دين الإسلام ، وهو من جنس عبادة الأوثان وهو الذي أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أن أهله شرار الخلق عند الله يوم القيامة ، وتصوير الصور للتأسي برؤيتها أو للتنزه بذلك والتلهي محرم ، وهو من الكبائر ، وفاعله من أشد الناس عذاباً يوم القيامة ، فإنه ظالم ممثل بأفعال الله التي لا يقدر على فعلها غيره ، وأنه تعالى ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله سبحانه وتعالى " . 
ذكره في «الكواكب الدراري» ( مجلد 65 / 82 / 2 ) .

 قلت : ولا فرق في التحريم بين التصوير اليدوي والتصوير الآلي والفوتوغرافي ، بل التفريق بينهما جمود وظاهرية عصرية كما بينته في كتابي «آداب الزفاف» ( ص 106 - 116 الطبعة الثانية طبع المكتب الإسلامي ) .
______________
(1) رواه البخاري ( 1 / 416 و 422 ) ومسلم ( 2 / 66 / ) والنسائي ( 1 / 115 ) وابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4 / 140 طبع الهند ) وأحمد ( 6 / 51 طبع المكتب الإسلامي ) وأبو عوانة في " صحيحه " ( 1 / 400-401 ) والسياق له وابن سعد في " الطبقات " ( 2 / 240-241 ) والسراج في " مسنده " ( 48 / 2 ) وأبو يعلى في " الطبقات " ( ق . 220 / 2 ) والبيهقي ( 4 / 80 ) والبغوي ( 2 / 415و416 )


___________________________
___________________________


6 - عن جندب بن عبد الله البجلي ؛ أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن يموت بخمس ، وهو يقول : « قد كان لي فيكم إخوة  وأصدقاء ، وإني أبرأ (1) إلى الله أن يكون لي فيكم خليل ، وإن الله عز و جل قد اتخذني خليلاً كما تخذ إبراهيم خليلاً ، ولو كنت متخذا من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا ، ألا [وإنمن كان قبلكم [كانوا] يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك »(2).

7 - عن الحارث النجراني قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول : « ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك »(3) .
_____________
(1) أي امتنع من هذا وأنكره والخليل هو المنقطع إليه قيل : هو مشتق من الخلة ، بفتح الخاء وهي الحاجة ، وقيل : من الخلة بضم الخاء وهي تخلل المودة في القلب ، فنفى صلى الله عليه و سلم أن تكون حاجته وانقطاعه إلى غير الله تعالى . « شرح مسلم » للنووي .

(2) رواه مسلم ( 2 / 67 68 ) وأبو عوانة ( 1 / 401 ) والسياق له والطبراني في « الكبير » ( 1 / 84 / 2 ) ورواه ابن سعد ( 2 / 240 ) مختصرا دون ذكر الإخوة واتخاذ الخليل . وله عنده (2/241) شاهد من حديث أبي أمامة ، وله شاهد ثان أخرجه الطبراني عن كعب بن مالك بسند لا بأس به كما قال ابن حجر الهيتمي في " الزواجر " (1/120) وضعفه الحافظ نور الدين الهيثمي في " مجمع الزوائد " (9/45) .

(3) رواه ابن أبي شيبة ( ق 2 / 83 / 2 و ط 2 / 376 ) وإسناده صحيح على شرط مسلم .

___________________________
___________________________


8 - عن أسامة بن زيد ؛ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في مرضه الذي مات فيه : « أدخلوا عليَّ أصحابي ، فدخلوا عليه وهو متقنع ببردة معافريّ (1) ، [فكشف القناع] فقال : « لعن الله اليهود والنصارى ] اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد »(2).

9 - عن أبي عبيدة بن الجراح قال : آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه و سلم :
« أخرجوا يهود أهل الحجاز  وأهل نجران من جزيرة العرب ، واعلموا أن شرار الناس الذي اتخذوا ( وفي رواية : يتخذون )(3) قبور أنبيائهم مساجد »(4).
_____________
(1) برود باليمن منسوبة إلى معافر وهي قبيلة باليمن . «نهاية».

(2) رواه الطيالسي في « مسنده » ( 2 / 113 من ترتيبه ) وأحمد ( 5 / 204 ) والطبراني في « الكبير » ( ج 1 ق 22 / 1 ) وسنده حسن في الشواهد وقال الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 2 / 114 ) « وسنده جيد » . وقال الهيثمي في « مجمع الزوائد » ( 2 / 27 ) " رجاله موثقون " .

(3) وبين الروايتين فرق ظاهر فالرواية الأولى تعني ناسا تقدموا وهم اليهود والنصارى كما في الأحاديث المتقدمة ، والرواية الأخرى تعني من يسلك سبيلهم من هذا الأمة ويؤيدها الأحاديث ( 6 ، 7 ، 12 )

(4) رواه احمد ( رقم 1691 ، 1694 ) والطحاوي في « مشكل الآثار » ( 4 / 13 ) وأبو يعلى ( 57 / 1 ) وابن عساكر ( 8 / 367 / 2 ) بسند صحيح وقال الهيثمي في « المجمع » ( 5 / 325 ) : 
" رواه أحمد بأسانيد ( الأصل بإسنادين ) ورجال الطريقين منها ثقات متصل إسنادها ورواه أبو يعلى " 
قلت : وفي هذا الكلام نظر ظاهر ،لأن مدار الطرق الثلاث التي أشار إليها على إبراهيم بن ميمون عن سعد بن سمرة ، إلا أن الطريق الثالث أدخل بعض الرواة بينهما إسحاق بن سعد بن سمرة وهو وهم كما بينه الحافظ في « التعجيل » ثم إنه ليس فيه " واعلموا أن شرار الناس . . . " .ثم هذا الحديث ذكره الهيثمي في مكان آخر ( 2 / 82 ) نحوه وقال : « رواه البزار ورجاله ثقات » وله شاهد مرسل عن عمر بن عبد العزيز مرفوعا نحوه . رواه ابن سعد ( 2 / 254 )


___________________________
___________________________


10 - عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : « لعن الله ( وفي رواية : قاتل الله ) اليهود ؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد »(1).

11 - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « اللهم لا تجعل قبري وثناً(2)، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد »(3).
____________
(1) رواه أحمد ( 5 / 184 ، 186 ) ورجاله ثقات غير عقبة بن عبد الرحمن هو ابن أبي معمر وهو مجهول كما في « التقريب » ولا تغتر بقول الهيتمي ( 2 / 27 ) : " رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال موثقون " كما فعل الشوكاني فإنه قال ( 2 / 114 ) " وسنده جيد " وذلك لأن قوله " موثقون " دون قوله " ثقات " فإن قولهم " موثقون " إشارة منهم إلى أن بعض رواته ليس توثيقه قويا فكأن الهيثمي يشير إلى أن عقبة هذا إنما وثقه ابن حبان فقط وأن توثيق ابن حبان غير موثوق به والله أعلم .
وكون توثيق ابن حبان لا يوثق به مما لا يرتاب فيه المتضلعون في هذا العلم الشريف وقد فصلت القول في ذلك في ردي على رسالة « التعقب الحثيث » للشيخ عبد الله الحبشي وقد نشر في التمدن الإسلامي في مقالات متتابعة ، ثم نشر في رسالة مستقلة تحت عنوان « الرد على التعقب الحثيث » فراجع ( ص 18 - 21 ) . على أن قول القائل في حديث ما " رجاله ثقات " أو "رجاله رجال الصحيح". فليس معناه أن إسناده صحيح كما بينته في غير هذا الموضع فانظر مثلا "سلسلة الأحاديث الصحيحة" ( ج 2 ص 5 طبع المكتب الإسلامي) لكن الحديث صحيح لشواهده المتقدمة .

(2) " قال ابن عبد البر : الوثن الصنم ، يقول : لا تجعل قبري صنماً يصلى ويسجد نحوه ويعبد ، فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك ، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبلهم ، الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم ، واتخذوها قبلة ومسجداً ، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها ، وذلك الشرك الأكبر ، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه ، وأنه مما لا يرضاه ، خشية عليهم من امتثال طرقهم ، وكان صلى الله عليه و سلم يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار ، وكان يخاف على أمته إتباعهم ، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه و سلم على جهة التعبير والتوبيخ « لتتبعن سنن الذين كانوا من قبلكم حذوا النعل بالنعل حتى إن أحدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه » " .
كذا في « فتح الباري » لابن رجب ( 65 / 90 / 2 ) من « الكواكب » .

(3) رواه أحمد ( رقم 7352 ) وابن سعد ( 2/241-242 ) والمفضل الجندي في «فضائل المدينة» ( 66/1 ) وأبو يعلى في «مسنده» (312/1) والحميدي (1025) وأبو نعيم في «الحلية» ( 6/ 382و7/317 ) بسند صحيح .
وله شاهد مرسل رواه عبد الرزاق في " المصنف " ( 1/ 406 / 1587 ) وكذا ابن أبي شيبة ( 4 / 141 ) عن زيد بن أسلم . وإسناده قوي .
وأخر أخرجه مالك في « الموطأ » ( 1 / 185 ) وعنه ابن سعد ( 2 / 240-241 ) عن عطاء بن يسار مرفوعا . وسنده صحيح ، وقد وصله البزار عنه عن أبي سعيد الخدري وصححه ابن عبد البر مرسلا وموصولا فقال : " فهذا الحديث عند من قال بمراسيل الثقات وعند من قال بالمسند لإسناد عمر بن محمد له وهو ممن تقبل زيادته " . انظر « تنوير الحوالك » للسيوطي . 
وفيما قاله ابن عبد البر في عمر هذا نظر فقد قال الحافظ ابن رجب في « الفتح » : " 
خرجه من طريقه البزار وعمر هذا هو ابن صبهان ، جاء منسوباً في بعض نسخ البزار ، وظن ابن عبد البر أنه عمر بن محمد العمري ، والظاهر أنه وهم ، وقد روي نحوه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة بإسناد فيه نظر " .

___________________________
___________________________


12 - عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : « إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد »(1). 

13 - عن علي بن أبي طالب قال : لقيني العباس فقال : يا علي انطلق بنا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فإن كان لنا من الأمر شيء ، وإلا أوصى بنا الناس ، فدخلنا عليه وهو مغمى عليه ، فرفع رأسه فقال : « لعن الله اليهود اتخذوا قبور الأنبياء مساجد » . زاد في رواية : « ثم قالها الثالثة » . فلما رأينا ما به خرجنا ولم نسأله عن شيء.(2)

14 - عن أمهات المؤمنين أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : كيف نبني قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ أنجعله مسجدا ؟ فقال أبو بكر الصديق : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد »(3).
______________
(1) رواه ابن خزيمة في « صحيحه » ( 1 / 92 / 2 ) وابن حبان ( 340 و 341 ) وابن أبي شيبة في « المصنف » ( 4 / 140 طبع الهند ) وأحمد ( رقم 3844 و 4143 ) والطبراني في « المعجم الكبير » ( 3 / 77 / 1 ) وأبو يعلى في « مسنده » ( 257 / 1 ) وأبو نعيم في « أخبار أصبهان » ( 1 / 142 ) بإسناد حسن وأحمد أيضا ( رقم 4342 ) بسند آخر حسن بما قبله ، والحديث بمحموعهما صحيح .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في « منهاج السنة » ( 1311 ) و « الإقتضاء » ( ص 185 ) : " وإسناده جيد " وقال الهيثمي ( 2 / 27 ) : " رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن " .
وفي اقتصاره في عزوه على الطبراني وحده قصور ظاهر ، مع أنه في المسند في ثلاثة مواضع منه كما أشرنا إليهما آنفا والشطر الأول من الحديث رواه البخاري في صحيحه ( 13 / 15 ) معلقاً .

(2) رواه ابن سعد ( 4 / 28 ) وابن عساكر ( 12 / 172 / 2 ) من طريقين عن عثمان ابن اليمان نا أبو بكر ابن أبي عون أنه سمع عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن جده أو قال : عن أبيه أو عن جده قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول .
قلت : هذا إسناد حسن لولا أنني لم أعرف أبا بكر هذا ولم يورده الدولابي وأبو أحمد الحاكم في « الكنى »

(3) رواه ابن زنجويه في " فضائل الصديق " كما في " الجامع الكبير " ( 3 / 147 / 1 ) 


النقل من ( ص 14 : 28 ) طبعة المعارف بالرياض .

___________________________

تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد

بقلم محمد ناصر الدين الألباني

الجمع بين 
نسخة المكتب الإسلامي  : الطبعة الرابعة 
و
نسخة مكتبة المعارف بالرياض: الطبعة الأولى 







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة