السابع : السحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر والدليل قوله تعالى : { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُر } البقرة 102

المتــــــــــــــــــــــــن 
قال السابع : السحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر والدليل قوله تعالى : { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُر } البقرة 102


السحر : ما دق أمره و خفي سببه أو ولطف سببه . وهو عُقد وتعاويذ معينة يستخدمها بعض الشُّذاذ باستخدام الأرواح الخبيثة من الجن ، فيؤثر ويمرض و يفرق بين المرء وزوجه ويقتل ؛ كل ذلك بإذن الله . وله حقيقة قائمة . فإنه يؤثر تأثيرا مباشرا بإذن الله تعالى كما تؤثر العين . و هذه أمور - صحيحٌ أنها غيبية - لكن أخبرنا الله عز وجل أن لها تأثيرا فنحن نصدق بذلك . 


ومنه نوع تخييلي ؛ يُخيل إلى أعين الناس أن هذا الفنجان قد انقلب إلى ديك أو إلى دجاجة ، أو أن هذا الحجر انقلب إلى ذهب وفضة فهذا تخييل . 

لكن هناك سحر حقيقي ؛ نوع من السحر حقيقة ثابت تأثيره بإذن الله تعالى ، كما قال جل وعلا : { وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ }البقرة 102 . ومن يتعاطاه يكفر حتى ولو أراد حل السحر بسحر آخر ؛ لأن الغاية في الإسلام لا تبرر الوسيلة و لأن الله عز وجل كفَّر أهل السحر قال تعالى : { وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُر ْفَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ. } [ البقرة 102 ]. 
وقال تعالى : { وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) } طه 69 . و قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ }81 يونس. 


و من الأسباب المادية التي تدل على كفره : أنه لا يؤثر إلا إذا كفر صاحبه بالله ؛ كأن يهين القرآن أو ينجسه أو يعرضه للنجاسات أو يبول عليه أو يسجد لصنم أو نحو ذلك مما تطلب منه تلك الشياطين التي تتعامل معه لتخدمه في تأثير سحره ، فينتج عن ذلك تأثير حقيقي له أثر بإذن الله تبارك وتعالى. 

بل لقد أثر السحر في النبي صلى الله عليه وسلم -أعني في تصرفاته الدنيوية ولم يمس رسالته وما جاء به من عند الله - لذلك لا حجة عند من ينكرون هذا الحديث عقلا بدعوى أنه كيف يؤثر ذلك وقد عصمه الله حتى يبلغ رسالته ؟ 

والجواب : أنه أثر في ما يتعلق ببعض تصرفاته الدنيوية ، حتى أنه يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله . و قد وضع له بعض اليهود ذلك السحر في مشط أو مشاطة في جف طلع نخلة و وضعوه تحت صخرة أو رعوفة في بئر ذروان - وهذا ثابت في صحيح البخاري ومسلم – [ البخاري : كتاب بدء الوحي رقم 3095 وكتاب الأدب رقم 5716 > فنزلت المعوذتين و قرأهما النبي صلى الله عليه وسلم ورقاه جبريل ورقى نفسه فقام من ذلك وكأنما نشط من عقال بعد أن أوحى الله إليه و أبطل السحر والسحرة وهذا كما قلت لا يتعارض مع الآية { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } المائدة 67. الله قد عصمه من أن يقضى عليه أو أن يؤثر ذلك في شيء مما جاء به من عند الله ، علما بأن من العصمة أن الله قد أوحى إليه وفضح هؤلاء السحرة وكشف السحر وهذا في حد ذاته آية من آيات الله وعصمة له صلى الله عليه وسلم . 

فلا نلتفت إلى بعض أصحاب المدارس العقلية التي تخضع النصوص الشرعية لعقولها وأهوائها ، 

مثل الذين ينكرون السحر أو ينكرون أو ينكرون الجن أو ينكرون العين أو ينكرون بعض أشراط الساعة ؛ كالدجال و يأجوج و مأجوج و الدابة و نزول عيسى عليه السلام ونحو ذلك مما ينتشر في بعض كتب القوم . 

وقد اشتُهِر بهذا في هذا العصر محمد عبده الملقب ب"الإمام" الكاتب المصري المعروف، 
وتلقفه عنه تلميذه الشيخ رشيد رضا - عفا الله عنا وعنه - لأن هذا الرجل في جملته سلفي على منهج أهل السنة والجماعة غير أنه و قع في بعض الشذوذات كإنكار السحر و إنكار نزول عيسى عليه السلام و تأويل مسألة يأجوج و مأجوج و ما إلى ذلك مما زل فيه - عفا الله عنا وعنه - . هو في الحقيقة من دعاة منهج الحق و العقيدة الصحيحة غير أنه وقع في هذا الزلل ، والزلل مردود على صاحبه ولو كان عالما من العلماء . 
ومما وقع في ذلك المودودي في كتابه "خلافة وملوكية" وهو يتكلم على الدجال ويقول: " إنه إن صحت الأحاديث في المسيح الدجال فإنه مما تكلم فيه النبي صلى الله عليه وسلم باجتهاده ولم يُسدد بالوحي " والعياذ بالله . ثم ليته اكتفى بهذا بل زاد : "إن أحاديث الدجال تدور على رجل نصراني شامي يقال له تميم الداري" من هو تميم الداري ؟ الصحابي الجليل راوي حديث ماذا ؟ " الدين النصيحة " وراوي حديث "الجسَّاسة" وهذا الذي جعله يغمز تميما في حديث "الجسَّاسة" . 

وهكذا هؤلاء الكتاب الجهلة لم يسلم منهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يدعون أنهم من أهل السنة . فمنهم - من هؤلاء الكتاب - من وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالغثائية و منهم من يغمز بعضهم بكلمات . وقد رد شيخنا الشيخ عبد المحسن العباد البدر - حفظه الله - على الأشقر عندما تكلم و آذى وغمز وسب أبا بكرة نفيعا ابن الحارث - رضي الله عنه وأرضاه - في كتاب صدر متداول . فاقتنوا هذا الكتاب ؛الشيخ يوزعه واستفيدوا منه ، وله كتاب في الذب عن معاوية خال المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه . كما أن أحدهم قبل أيام قليلة وهو يذكر قصة الأقرع بن حابس رضي الله عنه في قصة التقبيل ؛ لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن والحسين ، وقال كلمته جهلا : إن له عشرة من الولد ما قبل واحدا منهم . قال له النبي : { أوَ أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك، من لا يرحم لا يُرحم }[رواه البخاري ومسلم] . فعقب هذا المسكين الذي له فلتات كثيرة من هذا القبيل قال " شوف هذا المهبول " . 

والصحابة حتى من وُجد منه خطأ فإنه خير ممن جاء بعده . الصحابة كلهم عدول بدون استثناء ، الصحابي : وهو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا ومات على ذلك ولو تخلل ذلك ردة على الصحيح . إذا ذُكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلنمسك ولا نذكرهم إلا بالجميل . ولا نرد الأحاديث التي رَووها عن النبي صلى الله عليه وسلم تحت أي دعوى ما دامت ثابتة إليهم بسند صحيح متصل خال من العلل والقوادح . 

فالسحر كفر ولنتنبه ؛ ينتشر هذه الأيام بين الناس بسبب بعض الوافدين ، وأكثر ما يقع فيه النساء ؛ حيث يذهبن من وراء أزواجهن أو دون علم من أزواجهن أو أوليائهن إلى بعض الدجاجلة الذين يفدون من الخارج فيطلبن منهم أن يسحروا أزواجهن أو من أردن الإضرار به فلنتنبه لهذا فإنه كفر : تعاطي السحر أي عمل السحر كفر يخرج من ملة الإسلام . 

ولذلك يرى بعض أهل العلم أن الساحر لا يستتاب و إنما يقتل أما توبته بينه وبين ربه فهذا أمره إلى الله ، لكن يرى الإمام الشافعي وغيره ورواية عن الإمام أحمد أنه لا يستتاب لأنه مهما كان عِلمُ السحر معه فمتى أراد أن يطبقه طبقه . 

فلنحذر من هذا ولنبتعد عنه تحت أي طائل و تحت أي ذريعة حتى ولو مرضت ما تعره إلى السحرة . 

نبي الله أيوب مرض سنين طوال وما زاد على أن قال : ربي { مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} الأنبياء 83. رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرض بالسم الذي وضعته له بنت أبي الحقيق اليهودية حتى مات بذلك بعد أربع سنين من وضعه. وقال إنه وجد فيه انقطاع أبهره عليه الصلاة والسلام. فصبر وصابر إلى أن لقي الله عز وجل . 

أما أن نذهب بمجرد ما يأتينا مرض أو نحس بشيء . يقول لك بعض الناس "أنا معذور أنا مريض لماذا لا أكون معذورا أبحث عن أي علاج ؟" نعم ، تداوى يا عبد الله ولكن ما جعل الله شفاء الأمة فيما حرم عليها . 

فانتبه لهذا الخطر: السحر . كما يجب التعاون على كشف السحرة .ومن تستر عليهم فإنه مستحق للعنة .قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لعن الله من آوى محدثا }[ تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 5112 في صحيح الجامع] . فلنتنبه يا عبد الله. نعم . تفضل. 
______________
إتحاف الكرام البررة بشرح نواقض الإسلام العشرة

لفضيلة الشيخ العلامة: صـــــــــــالح بن سعد السحيمي – حفظه الله - 

شريطان مفرغان ألقاهما الشيخ خلال الدورة العلمية بمحافظة ينبع بتاريخ شعبان 1426هجرية 
قام بالتفريغ أبو عبد الله يوسف برقاوي الزاكوري المغربي – غفر الله له - 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة