تحريم الصور و متى يحل إستعمال الصور


        باب/ تحريم الصور 

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  
" أتاني جبريل عليه السلام فقال : إني كنت أتيتك الليلة فلم يمنعني أن أدخل عليك البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال رجل و كان في البيت قرام ستر فيه تماثيل فمر برأس التمثال يقطع فيصير كهيئة الشجرة و مر بالستر يقطع و في رواية : إن في البيت سترا في الحائط فيه تماثيل ، فاقطعوا رءوسها فاجعلوها بساطا أو وسائد فأوطئوه ، فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل . فيجعل منه وسادتان توطآن و مر بالكلب فيخرج . ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم و إذا الكلب جرو كان للحسن و الحسين عليهما السلام تحت نضد لهما . قال : و مازال يوصيني بالجار حتى ظننت أو رأيت أنه سيورثه "
صحيح.  الصحيحة برقم (٣٥٦)  

فقه الحديث :

الأول : تحريم الصور ، لأنها سبب لمنع دخول الملائكة ، و الأحاديث في تحريمها أشهر من أن تذكر .

الثاني : أن التحريم يشمل الصور التي ليست مجسمة و لا ظل لها لعموم قول جبريل
عليه السلام : " فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل " ، و هي الصور ، و يؤيده أن التماثيل التي كانت على القرام لا ظل لها ، و لا فرق في ذلك بين ما كان منها تطريزا على الثوب أو كتابة على الورق ، أو رسما بالآلة الفوتوغرافية إذ كل ذلك
صور و تصوير ، و التفريق بين التصوير اليدوي و التصوير الفوتوغرافي ، فيحرم
الأول دون الثاني ، ظاهرية عصرية ، و جمود لا يحمد كما حققته في " آداب الزفاف
في السنة المطهرة " ( ص 112 - 114 ) .

الثالث : أن التحريم يشمل الصورة التي توطأ أيضا إذا تركت على حالها و لم تغير
بالقطع ، و هو الذي مال إليه الحافظ في " الفتح " .

الرابع : أن قوله " حتى تصير كهيئة الشجرة " ، دليل على أن التغيير الذي يحل به استعمال الصورة ، إنما هو الذي يأتي على معالم الصورة ، فيغيرها حتى تصير على هيئة أخرى مباحة كالشجرة . و عليه فلا يجوز استعمال الصورة و لو كانت بحيث لا تعيش لو كانت حية كما يقول بعض الفقهاء ، لأنها في هذه الحالة لا تزال صورة اسما و حقيقة ، مثل الصور النصفية ، و أمثالها ، فاعلم هذا فإنه مما يهم المسلم معرفته في هذا العصر الذي انتشرت فيه الصور و عمت و طمت . ، و إن شئت زيادة تحقيق في هذا ، فراجع المصدر السابق ( ص 111 / 112 ) .

الخامس : فيه إشارة إلى أن الصورة إذا كانت من الجمادات فهي جائزة ، و لا تمنع
من دخول الملائكة ، لقوله " كهيئة الشجرة " ، فإنه لو كان تصوير الشجر حراما كتصوير ذوات الأرواح ، لم يأمر جبريل عليه السلام ، بتغييرها إلى صورة شجرة ، و هذا ظاهر ، و يؤيده حديث ابن عباس رضي الله عنه " و إن كنت لابد فاعلا ، فاصنع الشجرة ، و ما لا نفس له " . رواه مسلم و أحمد ( 1 / 308 ) .

السادس : تحريم اقتناء الكلب لأنه أيضا سبب يمنع من دخول الملائكة ، و هل يمنع لو كان كلب ماشية أو صيد ، الظاهر لا ، لأنه يباح اقتناؤه .
و يؤيده أن الصورة إذا كانت مباحة لا تمنع أيضا من دخول الملائكة بدليل أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تقتني لعب البنات ، و تلعب بها هي و رفيقاتها على مرأة من النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا ينكرها عليها كما ثبت في البخاري و غيره ، فلو كان ذلك مانعا من دخول الملائكة لما أقرها صلى الله عليه وسلم
عليه . و الله أعلم .



باب/ متى يحل إستعمال الصور ؟

وعن ابن عباس -رضى الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " الصورة الرأس ، فإذا قطع الرأس ، فلا صورة ".
صحيح . الصحيحة برقم (١٩٢١)

فائدة : 
(و) يشهد (للحديث)  قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة : " أتاني
جبريل ... 
" الحديث ، و فيه : " فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ... " ، فهذا صريح في أن قطع رأس الصورة أي التمثال المجسم يجعله كلا صورة .

قلت : و هذا في المجسم كما قلنا و أما في الصورة المطبوعة على الورق أو المطرزة على القماش ، فلا يكفي رسم خط على العنق ليظهر كأنه مقطوع عن الجسد بل لابد من الإطاحة بالرأس . و بذلك تتغير معالم الصورة و تصير كما قال عليه الصلاة و السلام : " كهيئة الشجرة " . فاحفظ هذا و لا تغتر بما جاء في بعض كتب الفقه و من أخذها أصلا من المتأخرين . راجع " آداب الزفاف " ( ص 103 - 104 - الطبعة الثالثة " .

[ كتاب نُظُمُ الفَرائِد مِمَّا فى سِْلسِْلَتي الألباني مِْن فَوائِد المجلد الأول ص (٢٧ : ٣٠ )]  


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة