صحيح الترغيب والترهيب 1 - كتاب الإخلاص

صحيح الترغيب والترهيب
 
1- كتاب الإخلاص

١ - (الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة)

١ - (١) [صحيح] عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: «انطلقَ ثلاثةُ نفرٍ ممن كان قبلكم، حتى آواهمُ المبيتُ إلا غارٍ، فدخلوه، فانحدَرَت صخرةٌ من الجبل، فَسَدَّتْ عليهم الغارَ، فقالوا: إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرةِ إلا أن تدعُوا الله بصالحِ أعمالِكم.

فقال رجل منهم: اللهم كان لي أبوانِ شيخانِ كبيرانِ، وكنت لا أغبُقُ قبلهما أهلًا ولا مالًا، فنأى  بي طلبُ شجرٍ يومًا فلم أُرِحْ  عليهما حتى ناما، فحلبتُ لَهما غَبوقَهما، فوجدتُهما نائمين، فكرهتُ أن أغبُقَ  قبلَهما أهلًا ولا مالًا، فلبثتُ والقَدَحُ على يدي، أنتظر استيقاظهما، حتى بَرَقَ الفجرُ، (زاد بعض الرواةُ: والصبيةُ يتضاغَوْن عند قَدَميَّ)، فاستيقظا، فشربا غَبوقَهما، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك ففرِّجْ عنا ما نحنُ فيه من هذه الصخرةِ، فانْفَرَجَتْ شيئًا لا يستطيعون الخروجَ، -قال النبي - ﷺ -.

قالَ الآخرُ: اللهم كانتْ لي ابنةُ عم كانت أحبُّ الناس إلي، فأرَدْتُها عن نفسها، فامتنعتْ مِني، حتى ألَمَّتْ بها سَنَةٌ من السنين، فجاءتني، فأعطيتُها عشرين ومئة دينارٍ، على أن تُخلِّيَ بيني وبين نَفسِها، فَفَعلتْ، حتى إذا قَدَرْتُ عليها قالت: لا أُحِلُّ لك أنْ تَفُضَّ الخاتمَ إلا بحقِّه، فتخرّجْتُ من الوقوع عليها، فانصرفتُ عنها وهي أحبُّ الناسِ إليّ، وتركتُ الذهبَ الذي أعطيتُها، اللهم إنْ كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك فافرُجْ عنّا ما نحن فيه، فانفرجتِ الصخرةُ، غير أنهم لا يستطيعون الخروجَ منها، -قال النبي - ﷺ -:-

وقال الثالثُ: اللهم إني استأجرتُ أُجَراء، وأعطيتُهم أجرَهم، غيرَ رجلٍ واحدٍ، تَرك الذي له وذَهَبَ، فثمَّرتُ أجرَه، حتى كثُرَتْ منه الأموالُ، فجاءني بعد حين، فقال لي: يا عبدَ الله أدِّ إليَّ أجري. فقلتُ: كلُّ ما ترى من أجرِك؛ من الإبل والبقر والغنم والرقيق! فقال: يا عبدَ الله! لا تَسْتَهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئُ بك، فأخذه كلَّه، فاستاقه، فلم يتركْ منه شيئًا. اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِكَ فافرُجْ عنا ما نحن فيه، فانفرجتِ الصخرةُ، فخرجوا يمشون.


وفي رواية: أن رسول الله - ﷺ - قال:

"بينما ثلاثةُ نفرٍ ممن كان قَبلكم يمشون، فأصابهم مطرٌ، فأوَوْا إلى غارٍ، فانطبقَ عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه واللهِ يا هؤلاءِ لا يُنجيكم إلا الصدقُ، فليدْعُ كلُّ رجلٍ منكم بما يعلم أنه قد صَدَقَ فيه، فقال أحدُهم: اللهم إنْ كنتَ تعلمُ أنه كان لي أجيزٌ، عمِلَ لي على فَرَقِ من أرزٍّ، فذهب وتَرَكه، وأني عَمَدْتُ إلى ذلك الفَرَق فَزَرَعْتُه، فصار من أمرهَ إلى أن اشتريتُ منه بقرًا، وأنّه أتاني يطلبُ أجرَه، فقلتُ له: اعمِدْ إلى تلك البقرِ؛ فإنها من ذلك الفَرَقِ، فساقها، فإنْ كنتَ تَعلمُ أنّي فعلتُ ذلك من خشيتِكَ ففرِّجْ عنا، فانساحَتْ عنهم الصخرةُ»، فذكر الحديث قريبًا من الأول.

رواه البخاري ومسلم والنسائي.



٢ - (٢) [صحيح] ورواه ابن حبان في «صحيحه» من حديث أبي هريرة باختصار، ويأتي لفظه في [ج ٢/ ٢٢ - البر/١] «بر الوالدين» إنْ شاء الله تعالى.


قوله: «وكنت لا أغبقُ قبلهما أهلًا ولا مالًا».

(الغَبوق): بفتح الغين المعجمة هو الذي يشرب بالعشي، ومعناه كنت لا أقدّم عليهما في شرب اللبن أهلًا ولا غيرهم.

(يَتضاغون) : بالضاد والغين المعجمتين، أي: يصيحون من الجوع.

(السَّنَة): العام القحط الذي لم تنبت الأرض فيه شيئًا سواء نزل غيث أم لم ينزل.

(تفضّ الخاتم): هو بتشديد الضاد المعجمة، وهو كناية عن الوطء.

(الفَرَق): بفتح الفاء والراء مكيال معروف.

(فانساحت) : هو بالسين والحاء المهملتين، اْي: تَنَحَّتِ الصخرة وزالت عن فم الغار.



٣ - (٣) [صحيح] وعن أبي فراس -رجلٌ من أسلم- قال:

نادى رجل فقال: يا رسول الله! ما الإيمان؟ قال: «الإخلاص».

وفي لفظ آخر قال: قال رسول الله - ﷺ -:

«سلوني عما شئتم».

فنادى رجل: يا رسول الله! ما الإسلام؟ قال:

«إقامُ الصلاةِ، وإيتاء الزكاة».

قال: فما الإيمان؟ قال:

«الإخلاصُ».

قال: فما اليقين؟ قال:

«التصديقُ».

رواه البيهقي، وهو مرسل. 



٤ - (٤) [صحيح لغيره] وعن أبي سعيد الخُدري عن النبي - ﷺ -، أنّه قال في حجة الوداع: «نَضَّرَ  اللهُ امرءًا سمع مقالتي فَوَعاها، فَرُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيه.

ثلاثٌ لا يُغَلُّ  عليهن قلبُ امرئٍ مؤمنٍ: إخلاصُ العمل لله، والمناصحةُ لأئمة المسلمين، ولزومُ جماعتِهم، فإنّ دعاءهم يُحيطُ من ورائهم».

رواه البزار بإسناد حسن.



٥ - (٥) [صحيح] ورواه ابن حبان في «صحيحه» من حديث زيد بن ثابت، ويأتي في «سماع الحديث» إنْ شاء الله تعالى.


قال الحافظ عبد العظيم:

«وقد روي هذا الحديث أيضًا عن ابن مسعود، ومعاذ بن جبل، والنعمان بن بشير، وجبير بن مطعم، وأبي الدرداء، وأبي قرصافة جندرة بن خيشنة، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، وبعض أسانيدهم صحيح ».



٦ - (٦) [صحيح] وعن مُصعَب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه:

أنّه ظن أنّ له فضلًا على من دونه  من أصحاب رسول الله - ﷺ -، فقال النبي - ﷺ -:

«إنما يَنصرُ اللهُ هذه الأمةَ بضعيفِها؛ بدعوتِهم وصلاتِهم وإخلاصِهم».

رواه النسائي وغيره، وهو في البخاري وغيره دون ذكر الإخلاص.



٧ - (٧) [صحيح لغيره] وعن الضحاك بن قيس قال: قال رسول الله - ﷺ -:

«إن الله تباركَ وتعالى يقول: أنا خيرُ شريكٍ، فمن أشركَ معي شريكًا فهو لشريكي، يا أيها الناسُ أخْلِصوا أعمالَكم؛ فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من الأعمالِ إلا ما خَلُصَ له، ولا تقولوا: هذه لله وللرحمِ؛ فإنها للرحمِ، وليس لله منها شيءٌ، ولا تقولوا: هذه للهِ ولوجوهكمَ؛ فإنها لوجوهكم، وليس لله منها شيءٌ».

رواه البزار بإسناد لا بأس به، والبيهقي .


قال الحافظ: «لكن الضحاك بن قيس مختلف في صحبته».



٨ - (٨) [حسن] وعن أبي أمامة قال: 

جاء رجلٌ إلى رسولِ الله - ﷺ - فقال: أرأيتَ رجلًا غزا يلتمسُ الأجْرَ والذِّكْرَ؛ ما لَهُ؟ فقال رسولُ اللهِ - ﷺ -:

«لا شيءَ له»، فأعادها ثلاث مِرارٍ، ويقولُ رسولُ اللهِ - ﷺ -: «لا شيء له»، ثم قال:

«إن الله عز وجل لا يَقبلُ من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتُغيَ به وجهُهُ».

رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد ، وستأتي أحاديث من هذا النوع في «الجهاد» إن شاء الله تعالى.



 ٩ - (٩) [حسن لغيره] وعن أبي الدرداءِ عن النبي - ﷺ - قال:

«الدنيا ملعونةٌ، ملعونٌ ما فيها إلا ما ابتُغِيَ به وجهُ الله».

رواه الطبراني بإسناد لا بأس به. 



(فصل)


١٠ - (١٠) [صحيح] عن عُمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول:

«إنما الأعمال بالنِّيَّة، -وفي رواية: بالنَيّاتِ-، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسولِهِ، ومن كانتْ هجرته إلى دنيا يُصيبُها، أو امرأةٍ يَنكِحُها، فهجرتُه إلى ما هاجرَ إليه».

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنَّسائي .


قال الحافظ: «وزعم بعض المتأخرين أن هذا الحديث بلغ مبلغَ التواتر، وليس كذلك؛ فإنه انفرد به يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التَّممي ، ثم رواه عن الأنصاري خلق كثير، نحو مئتي راوٍ، وقيل: سبعُ مئة راوٍ، وقيل: أكثر من ذلك. وقد روي من طرق كثيرة غير طريق الأنصاري، ولا يصح منها شيء. كذا قاله الحافظ علي بن المديني وغيره من الأئمة. وقال الخطابي: لا أعلم في ذلك خلافًا بين أهل الحديث. والله أعلم ».


١١ - (١١) [صحيح] وعن عائشة قالت: قال رسول الله - ﷺ -:

«يَغْزُو جيشٌ الكعبة، فإذا كانوا ببيداءَ من الأرضِ، يُخسَفُ بأولِهِم وآخرهم».

قالتْ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ! كيفَ يُخسَفُ بأوَّلِهِم وآخرِهِم وفيهم أسواقُهم ، ومَن ليسَ مِنهم؟ قال:

«يُخسفُ بأولِهم وآخرِهم، ثم يُبْعَثُونَ على نِيّاتِهم».

رواه البخاري ومسلم وغيرهما.



١٢ - (١٢) [صحيح] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

رجعنا من غزوة تبوك مع النبي - ﷺ - فقال:

«إن أقوامًا خَلْفَنا  بالمدينة، ما سَلَكْنا شِعْبًا  ولا واديًا إلاَّ وهم معنا، حَبَسَهم العُذرُ». 

رواه البخاري وأبو داود، ولفظه: أن النبي - ﷺ - قال:

«لقد تركتُم بالمدينةِ أقوامًا ما سِرتُم مَسيرًا، ولا أنفقتُم مِن نَفَقَةٍ، ولا قَطَعتُم من واد إلاَّ وهم معكم».

قالوا: يا رَسولَ الله! وكيف يَكونونَ معنا وهم بالمدينةِ؟ قال:

«حَبَسَهُم المرضُ».



١٣ - (١٣) [صحيح لغيره] وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -:

«إنما يُبعث الناسُ على نِيّاتِهم».

رواه ابن ماجه بإسناد حسن.



١٤ - (١٤) [صحيح لغيره] ورواه أيضًا من حديث جابر؛ إلا أنه قال:

«يُحْشَرُ الناسُ».



١٥ - (١٥) [صحيح] وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -:

«إنّ الله لا ينظرُ إلى أجسامِكم، ولا إلى صورِكم، ولكنْ ينظرُ إلى قلوبِكم [وأشار بأصابِعه إلى صدره]، [وأعمالكم] ».

رواه مسلم.



١٦ - (١٦) [صحيح لغيره] وعن أبي كَبْشَةَ الأنماريّ رضي الله عنه؛ أنه سمع رسول الله - ﷺ - يقول:

«ثلاثٌ أُقسِمُ عليهن، وأُحدِّثُكم حديثًا فاحْفظوه، -قال:-

ما نقص مالُ عبدٍ من صدقةٍ، ولا ظُلم عبدٌ مَظلمةً صبرَ عليها إلا زادَه الله عزًّا، ولا فَتَحَ عبدٌ بابَ مسألةٍ إلا فَتَحَ اللهُ عليه بابَ فقرٍ، أو كلمةٌ نحوها.

وأُجدِّثكم حديثًا فاحْفظوه:

إنّما الدُّنْيا لِأرْبَعَةِ نَفَرٍ، عَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ مالًا وعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، ويَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، ويَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذا بِأفْضَلِ المَنازِلِ، وعَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا، ولَمْ يَرْزُقْهُ مالًا فَهُوَ صادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ لَوْ أنَّ لِي مالًا لَعَمِلْت بِعَمَلِ فُلانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَأجْرُهُما سَواءٌ، وعَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ مالًا، ولَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ  فِي مالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، ولا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، ولا يَعْمَلُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذا بِأخْبَثِ المَنازِلِ، وعَبْدٌ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مالًا ولا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أنَّ لِي مالًا لَعَمِلْت فِيهِ بِعَمَلِ فُلانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَوِزْرُهُما سَواءٌ».

رواه أحمد والترمذي -واللفظ له- وقال: «حديث حسن صحيح»، 


[صحيح] ورواه ابن ماجه ولفظه:

قال رسول الله - ﷺ -:

«مَثَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ كَمَثَلِ أرْبَعَةِ نَفَرٍ، رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا وعِلْمًا، فَهُوَ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي مالِهِ؛ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ عِلْمًا ولَمْ يُؤْتِهِ مالًا وهُوَ يَقُولُ: لَوْ كانَ لِي مِثْلُ هَذا عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي يَعْمَلُ، -قالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -:- فَهُما فِي الأجْرِ سَواءٌ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا ولَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مالِهِ، يُنْفِقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، ورَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ مالًا وعِلْمًا، وهُوَ يَقُولُ: لَوْ كانَ لِي مِثْلُ هَذا عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي يَعْمَلُ، -قالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -:- فَهُما فِي الوِزْرِ سَواءٌ». 



١٧ - (١٧) [صحيح] وعَنِ ابْنِ عباسٍ؛ أنّ رسول اللهِ - ﷺ - قالَ فيما يروي عن ربه عز وجل :

«إنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَناتِ والسيئاتِ، ثم بَيَّنَ ذَلِكَ في كتابه؛ فمن هَمَّ بِحسنةٍ فلم يَعْمَلْها؛ كتبها اللهُ عِنْدَهُ حسنةً كاملةً، فَإنْ هَمَّ بِها فَعَمِلَها؛ كتبها اللهُ عنده عشرَ حسناتٍ، إلى سبع مِئةِ ضِعفٍ، إلى أضعافٍ كثيرَةٍ، ومن هَمَّ بسيئةٍ فلم يَعمَلْها، كتبها اللهُ عنده حسنةً كاملةً، وإن هو هَمَّ بها فَعمِلَها؛ كتبها اللهُ سيئةً واحدَةً» -زاد في رواية :- «أو محاها، ولا يَهلِكُ [على] الله إلا هالِكٌ».

رواه البخاري ومسلم. 



١٨ - (١٨) [صحيح] وعن أبي هريرة؟ أن رسول الله - ﷺ - قال:

«يقولُ اللهُ -عز وجل-: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئةً فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بِمثلها، وإن تَركَها من أجلي، فاكتبوها له حسنةً، وإن أراد أن يعمَلَ حَسنةً فلم يَعمَلْها، فاكتبوها له حسنةً، فإن عمِلَها فاكتبوها له بعشرِ أمثالِها، إلى سبع مِئة».

رواه البخاري -واللفظ له- ومسلم.

وفي رواية لمسلم: قال رسول الله - ﷺ -:

«من همَّ بحسنةٍ فلم يعملها كُتِبَتْ له حسنةً، ومن هَمَّ بحسنةٍ فَعَمِلَها كُتِبَتْ له عشرُ حسناتَ، إلى سبع مِائة ضِعفٍ، ومن هَمَّ بسيئةٍ فلم يعَملْها لم تُكتَبْ عليه، وإن عَملَها كُتِبَتْ».

وفي أخرى له قال: 

عن محمد رسول الله - ﷺ - قال:

«قال اللهُ عز وجل : إذا تَحَدَّثَ عبْدي بأن يعملَ حسنةً، فأنا أكْتُبُها له حسنةً ما لم يَعْمَلَها، فإذا عَمِلَها فإني أكتُبُها له بعشرِ أمثالها، وإذا تحدَّثَ عبدي بأن يعملَ سيئةً، فأنا أغفرُها له ما لم يعملْها، فإذا عملها، فأنا أكتبها له بِمثلها، وإنْ تَرَكها فاكتبوها له حسنةً، إنما تَرَكها من جَرّاي».

قوله: (من جرّاي) بفتح الجيم وتشديد الراء، أي: من أجلي. 



١٩ - (١٩) [صحيح] وعن مَعن بن يزيد رضي الله عنهما قال:

كان أبي يزيدُ أخرجَ دنانير يَتَصَّدقُ بها، فوضَعها عندَ رجلٍ في المسجد، فجئتُ فأخذتُها فأتيتُه بها، فقال: واللهِ ما إيّاك أردتُ، فخاصمتُه إلى رسولِ اللهِ - ﷺ - فقال:

«لَكَ ما نويتَ يا يَزيدُ! ولك ما أخذت يا مَعْنُ!».

رواه البخاري.



٢٠ - (٢٠) [صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله - ﷺ - قال:

"قال رجل لأتَصَدَّقَنَّ بصدقةٍ، فخرج بِصدقَتِه فوضعها في يَدِ سارق . 

فأصبحوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ  اللَّيلة على سارقِ! فقال: اللهم لك الحمْدُ على سارق ! لأتصدقَنَّ بصدقةٍ، فخرج بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَها فِي يَدِ زانِيَةٍ، فَأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلى زانِيَةٍ! فَقالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلى زانِيَةٍ! لأتَصَدَّقَنَّ بصدَقَة، فخرجَ بِصدقَتِه فوضعها في يَدِ غَنِىٍّ، فأصبحوا يَتَحَدَّثُون: تُصُدِّقَ اللَّيلَةَ عَلى غَنِيٍّ! فَقالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلى سارِقٍ وزانِيَةٍ وغَنِىٍّ! فَأُتِىَ، فَقِيلَ لَهُ: أمّا صَدَقَتُكَ عَلى سارِقٍ، فَلَعَلَّهُ أنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وأمّا الزّانِيَةُ فَلَعَلَّها أنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِناها، وأمّا الغَنِىُّ فَلَعَلَّهُ أنْ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمّا أعْطاهُ اللَّهُ».

رواه البخاري -واللفظ له-، ومسلم والنسائي، وقالا فيه:

«فقيل له أمّا صدقتك فقد تُقُبِّلَتْ» ثم ذكر الحديث.



٢١ - (٢١) [حسن صحيح] وعن أبي الدرداء يبلغُ به النبي - ﷺ - قال: 

من أتى فراشهُ وهو يَنوي أنّ يقومَ يُصلي من الليل، فغلَبَتْه عينُه حتى أصبحَ؛ كُتِب له ما نوى، وكان نومُه صدقةً عليه من رَبِّه».

رواه النسائي وابن ماجه بإسناد جيّد، ورواه ابن حبان في «صحيحه» من حديث أبي ذرّ أو أبي الدرداء على الشك.

 

قال الحافظ عبد العظيم رحمه الله :

«وسيأتي أحاديث من هذا النوع متفرقة في أبواب متعددة من هذا الكتاب، إن شاء الله تعالى».




٢ - (الترهيب من الرياء وما يقوله من خاف شيئًا منه).

٢٢ - (١) [صحيح] عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله - ﷺ - يقول:

«إنَّ أوَّلَ النّاسِ يُقْضى يَوْمَ القِيامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَها، قالَ: ما عَمِلْتَ فِيها؟ قالَ: قاتَلْتُ فِيكَ حَتّى اسْتُشْهِدْتُ. قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ قاتَلْتَ لِأنْ يُقالَ: فُلانٌ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلى وجْهِهِ حَتّى أُلْقِيَ فِي النّارِ.

ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وعَلَّمَهُ، وقَرَأ القُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فِيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وعَلَّمْتُهُ، وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ لِيُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ، هُوَ قارئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلى وجْهِهِ حَتّى أُلْقِيَ فِي النّارِ. 

ورَجُلٌ وسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وأعْطاهُ مِن أصْنافِ المالِ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَها قالَ: فَما عَمِلْتَ فِيها؟ قالَ: ما تَرَكْتُ مِن سَبِيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فِيها إلّا أنْفَقْتُ فِيها لَكَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقالَ: هُوَ جَوادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلى وجْهِهِ، حَتّى أُلْقِيَ فِي النّارِ».

رواه مسلم والنسائي.

ورواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في «صحيحه»؛ كلاهما بلفظ واحد عن  الوليد ابن الوليد أبي عثمان المديني؛ أن عُقبةَ بنَ مسلم حدَّثه، أن شُفَيًّا الأصبحيّ حدثه: 

أنه دخل المدينةَ فإذا هو برجلٍ قد اجْتمَعَ عليه الناسُ، فقال: من هذا؟ قالوا: أبو هريرةَ، قال: فَدَنَوْتُ منه، حتى قَعدتُ بين يديه؛ وهو يحدِّث الناسَ، فلمّا سَكَتَ وخلا، قلت له: أسألك بحقِّ وبحقِّ، لمّا حَدَّثْتَني حديثًا سمعتَه من رسول الله - ﷺ - وعَقِلْتَه وعَلِمتَه، فقال أبو هريرة. أفعلُ، لأحدِّثنَّك حديثًا حَدَّثنيه رسولُ الله - ﷺ - عَقِلْتهُ وعلمتُه، ثم نَشَغَ أبو هريرة نَشغةً فمكثنا قليلًا ثم أفاق، فقال: لأحدِّثنَّك حديثًا حدَّثنيه رسول الله - ﷺ - أنا وهو في هذا البيت، ما معنا أحدٌ غيري وغيرُه، ثم نَشَغَ أبو هريرة نَشغةً أخرى، ثم أفاق ومسح عن وجهه، فقال: أفعلُ، لأُحَدِّثَنَّك حديثًا حدثنيه رسول الله - ﷺ - أنا وهو في هذا البيت، ما معنا أحدٌ غيري وغيره، ثم نَشَغَ أبو هريرة نشغةً شديدةً، ثم مال خارًّا على وجهه، فأسندتُه طويلًا، ثم أفاق، فقال: حدثني رسول الله - ﷺ -: 

"إن الله تبارك وتعالى إذا كان يومُ القيامةِ، يَنزلُ إلى العبادِ ، لِيَقضِيَ بينهم، وكلُّ أمّةٍ جاثيةٌ، فأولُ من يُدعى به رجلٌ جمع القرآنَ، ورجلٌ قُتلَ في سبيلِ اللهِ، ورجلٌ كثيرُ المال، فيقولُ اللهُ عز وجل للقارئِ: ألم أعلِّمْكَ ما أنزلتُ على رسولي؟ قال: بلى يا ربِّ، قال: فما عَمِلتَ فيما عَلِمتَ؟ قال: كنت أقومُ به آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ، فيقول الله عز وجل له: كَذَبْتَ، وتقول له الملائكةُ: كَذَبْتَ، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقالَ: فلان قارئٌ، وقد قيل ذلك.

ويؤتى بصاحب المال، فيقولُ اللهُ عز وجل: ألم أُوسع عليك حتّى لم أدَعْكَ تحتاجُ إلى أحدِ؟ قال: بلى يا ربِّ؛ قال: فماذا عملتَ فيما آتيتُكَ؟ قال: كُنتُ أصِلُ الرَّحِمُ، وأتصدَّقُ. فيقولُ الله له: كذَبْتَ، وتقولُ الملائكةُ: كَذَبْتَ، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ جوادٌ، وقد قيل ذلك.

ويؤتى بالذي قُتِلَ في سبيلِ الله، فيقولُ اللهُ له: في ماذا قُتِلتَ؟ فيقول: أيْ ربِّ! أمَرْتَ بالجهاد في سبيلكَ، فقاتلتُ حتى قُتلتُ، فيقول الله له: كَذَبْتَ، وتقولُ الملائكةُ: كَذَبْتَ، ويقول الله: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ جريءٌ، فقد قيل ذلك». ثم ضرب رسول الله - ﷺ - على ركبتي، فقال:

«يا أبا هريرة! أولئك الثلاثةُ أولُ خلقِ الله تُسعَر بهم النارُ يومَ القيامةِ». 


قال الوليدُ أبو عثمان المديني: وأخبرني عُقبةُ أن شُفَيًّا هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا، قال أبو عثمان: وحدّثني العلاء بن أبي حكيم أنه كان سيّافًا لمعاويةَ قال: فدخل عليه رجلٌ فأخبره بهذا عن أبي هريرة. فقال معاوية: قد فُعل بهؤلاء هذا، فكيف بمن بَقِيَ مِنَ الناسِ؟ ثم بكى معاوية بكاءً شديدًا، حتى ظَنَنّا أنه هالكٌ، وقلنا: قد جاءنا هذا الرجل بِشَرٍّ. ثم أفاق معاويةُ، ومسح عن وجهه، وقال: صدق اللهُ ورسولُه: ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِيها وهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إلّا النّارُ وحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

ورواه ابن خزيمة في «صحيحه» نحو هذا لم يختلف إلا في حرف أو في حرفين.

قوله: (جريء) هو بفتح الجيم وكسر الراء وبالمد، أي: شجاع. 

(نَشَغ) بفتح النون والشين المعجمة وبعدها غين معجمة، أي: شهق حتى كاد يغشى عليه أسفًا أو خوفًا.



٢٣ - (٢) [صحيح] وعن أبي بنِ كعبٍ قال: قال رسول الله - ﷺ -:

«بَشِّرْ هذه الأمّةَ بالسَّناءِ والدِّين والرِّفعةِ، والتمكين في الأرضِ، فَمَن عَمِل منهم عَملَ الآخرةِ للدنيا؛ لم يَكُنْ له في الآخرةِ من نَصيبٍ».

رواه أحمد، وابن حبان في «صحيحه»، والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم:

«صحيح الإسناد».

وفي رواية للبيهقي: قال رسول الله - ﷺ -: 

«بَشِّرْ هذه الأمّةَ بالتيسيرِ، والسَّناءِ والرِّفعةِ بالدين، والتمكينِ في البلاد، والنصر، فمن عملَ منهم بعملِ الآخرةِ للدنيا؛ فليس له في الآخرةِ من نَصيبٍ».



٢٤ - (٣) [صحيح] وعن أبي هند الدارِيَّ؛ أنه سمع النبي - ﷺ - يقول:

«من قامَ مقامَ رياءٍ وسُمعةٍ؛ راءى اللهُ به يومَ القيامةِ وسَمَّعَ».

رواه أحمد بإسناد جيد، والبيهقي.



٢٥ - (٤) [صحيح] عن عبد الله بن عَمروٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول:

«مَن سمَّع الناسَ بعملِه؛ سَمَّعَ الله به مَسامعَ خَلقِه، وصغَّرَه وحقَّرَه». 

رواه الطبراني في «الكبير» بأسانيد أحدها صحيح، والبيهقي .



٢٦ - (٥) [صحيح] وعن جُندُبِ بنِ عبدِ اللهِ قال: قال النبي - ﷺ -:

«من سَمَّع؛ سَمَّعَ اللهُ به، ومن يُراءِ؛ يراءِ اللهُ بهِ».

رواه البخاري ومسلم.

(سمَّع) بتشديد الميم، ومعناه: من أظهر عمله للناس رياء؛ أظهر الله نيته الفاسدة في عمله يوم القيامة، وفضحه على رؤوس الأشهاد.



٢٧ - (٦) [صحيح لغيره] وعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول:

«من قامَ مقامَ رياءٍ راءى اللهُ به، ومن قام مقامَ سُمعةٍ سَمَّع اللهُ به».

رواه الطبراني بإسناد حسن. 



٢٨ - (٧) [صحيح لغيره] وعن معاذ بن جبل عن رسول الله - ﷺ - قال:

«ما من عبدٍ يقومُ في الدنيا مقامَ سُمعَةٍ ورياءٍ إلا سمَّع اللهُ به على روس الخلائقِ يومَ القيامة».

رواه الطبراني بإسناد حسن.



٢٩ - (٨) [صحيح موقوف] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

مَن راءى بشيءٍ في الدنيا من عملِه؛ وكَلَه اللهُ إليه يومَ القيامةِ، وقال: انظُرْ هل يُغْني عنك شيئًا؟!

رواه البيهقي موقوفًا . 



٣٠ - (٩) [حسن] وعن رُبَيْحِ بنِ عبدِ الرحمن بن أبي سعيدٍ الخدري عن أبيه عن جده قال:

خرج علينا رسولُ اللهِ - ﷺ - ونحن نتذاكَر المسيحَ الدَّجال، فقال:

«ألا أخبِرُكم بما هو أخوفُ عليكم عندي من المسيحِ الدجالِ؟». فقلنا: بلى يا رسولَ اللهِ! فقال:

«الشركُ الخفيُّ؛ أن يقومَ الرجلُ فيصلِّي، فَيُزَيِّنُ صلاتَه لما يرى من نظرِ رجلٍ».

رواه ابن ماجه والبيهقي.

(رُبَيْح) بضم الراء وفتح الباء الموحدةِ بعدها ياء آخر الحروف وحاء مهملة. ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.



٣١ - (١٠) [حسن] وعن محمود بن لبيد قال: خرج  النبي - ﷺ - فقال:

«يا أيها الناسُ! إياكم وشِرْكَ السرائرِ».

قالوا: يا رسول الله! وما شِرْكُ السرائرِ؟ قال:

«يَقومُ الرجل فيصلِّي، فَيُزَيِّنُ صلاتَه جاهدًا لما يرى من نظرِ الناسِ إليه، فذلك شركُ السرائرِ».

رواه ابن خزيمة في «صحيحه».



٣٢ - (١١) [صحيح] وعن محمود بن لبيد؛ أن رسول الله - ﷺ - قال:

«إنّ أخوفَ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغرُ».

قالوا: وما الشركُ الأصغرُ يا رسولُ اللهِ؟ قال:

«الرياءُ، يَقولُ اللهُ عز وجل إذا جزى الناسَ بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً».

رواه أحمد بإسناد جيد، وابن أبي الدنيا والبيهقي في «الزهد» وغيره.


قال الحافظ رحمه الله: «ومحمود بن لبيد رأى النبي - ﷺ -، ولم يصح له منه سماع فيما أرى، وقد خَرَّجَ أبو بكر بنُ خزيمة حديث محمود المتقدم في»صحيحه«، مع أنّه لا يُخرج فيه  شيئًا من المراسيل، وذكر ابن أبي حاتم أنّ البخاري قال:»له صحبة«، قال: وقال أبي:»لا يُعرَف له صحبة«، ورجح ابن عبد البَر أنّ له صحبة. وقد رواه الطبراني بإسناد جيد عن محمود بن لبيد عن رافع بن خُديج وقيل: إنّ حديث محمود هو الصواب؛ دون ذكر رافع بن خُديج فيه. والله أعلم».



٣٣ - (١٢) [حسن] وعن أبي سعيد بن أبي فَضالة -وكان من الصحابة- قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول:

«إذا جمعَ اللهُ الأوّلين والآخِرينَ ليومِ القيامةِ، ليومٍ لا ريبَ فيه، نادى منادٍ: من كان أشركَ في عملِه لله أحدًا فليطلبْ ثوابَه من عندِه، فإنّ الله أغنى الشركاء عن الشرك».

رواه الترمذي في التفسير من «جامعه» ، وابن ماجه، وابن حبان في «صحيحه»، والبيهقي. 



٣٤ - (١٣) [صحيح] وعن أبي هريرة؛ أنّ رسول الله - ﷺ - قال:

«قال الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشركِ، فَمَن عمِلَ لي عملًا أشركَ فيه غيري فأنا منه بريءٌ، وهو للذي أشركَ ».

رواه ابن ماجه -واللفظ له-، وابن خزيمة في «صحيحه»، والبيهقي، ورواة ابن ماجه ثقات.



٣٥ - (١٤) [صحيح] وروى البيهقي عن يعلى بن شدادٍ عن أبيه قال:

كنا نَعُدُّ الرياءَ في زَمَنِ النبي - ﷺ - الشركَ الأصغرَ .




(فصل)

٣٦ - (١٥) [حسن لغيره] وعن أبي علي -رجلٍ من بني كاهلٍ- قال:

خطبَنا أبو موسى الأشعريُّ فقال:

يا أيها الناسُ! اتَّقوا هذا الشركَ، فإنه أخفى من دبيبِ النملِ. فقام إليه عبدُ الله بن حَزَن وقيسُ بن المُضارِب فقالا: والله لَتخْرُجَنَّ مما قلتَ، أو لنأتينَّ عُمَرَ مأذونًا لنا أو غيرَ مأذونٍ، فقال: بل أخرجُ مما قُلتُ، خطبنا رسولُ الله - ﷺ - ذات يومٍ، فقال: 

«يا أيها الناسُ! اتّقُوا هذا الشركَ؛ فإنه أخفى من دبيبِ النَّملِ».

فقال له من شاءَ اللهُ أن يقولَ: وكيف نَتَّقيه وهو أخفى من دبيبِ النملِ يا رسول الله! قال:

«قولوا: اللهمَّ إنّا نَعوذُ بك من أنْ نُشركَ بك شيئًا نَعلمُه، ونستغفرُكَ لما لا نعلمُه».

رواه أحمد والطبراني.

ورواته إلى أبي علي محتج بهم في «الصحيح»، وأبو علي وثقه ابن حبان، ولم أرَ أحدًا جرحه.  

________________

الكتاب : صحيح الترغيب والترهيب
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني (رحمه الله تعالى) (المتوفى : 1420هـ)
الناشر : مكتبة المعارف - الرياض
الطبعة : الخامسة
عدد الأجزاء : 3







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة