إفشاء السلام

إفشاء السلام

348 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه  أنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : 
     (( لا تدخلونَ الجنَّةَ حتى تُؤمنوا, ولا تُؤمِنُوا حتى تحابـوا, أفلا أدُلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشُوا السَّلامَ بينَكم )) 
[مختصر مسلم 42]

349ـ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال:
     (( تُطعمُ الطعامَ, وتقرأُ السلامَ على من عرفتَ ومن لم تعرفْ ))
[مختصر مسلم 63][مختصر البخاري 9]

 350 ـ وقال عمار بن ياسر رضي الله عنهما:
      ثلاثُ مَنْ جمعهنَّ فقدْ جمعَ الإيمان: الإنصافُ منْ نفسكَ, وبذلُ السلام للعَالَم, والإنفاقُ منَ الإقتار. 
[صحيح الكلم الطيب 155] 
    
قال الشيخ رحمه الله  :
قال ابن كثير في تفسيره:
           (( أن الرد واجب على من سُلّم عليه, فيأثم إن لم يفعل, لأنه خالف أمر الله في قوله { فحيوا بأحسن منها أو ردوها } ))  
قلت:
 ولم يتعرض لحكم الابتداء بالسلام, وقد ذكر القرطبي في [تفسيره 5/298] إجماع العلماء أيضاً على أنه سنة مرغب فيها, وفي صحة هذا الإطلاق نظر عندي, لأنه يعني أنه لو التقى مسلمان فلم يبدأ أحدهما أخاه بالسلام, وإنما بالكلام ـ أنه لا إثم عليهما! وفي ذلك ما لا يخفى من مخالفة الأحاديث الكثيرة التي تأمر بالسلام وإفشائه, وبأنه من حق المسلم على المسلم أن يسلم عليه إذا لقيه, وأن أبخل الناس الذي يبخل بالسلام, إلى غير ذلك من النصوص التي تؤكد الوجوب.  
بل وزاد ذلك تأكيدا أنه نظـم من يكـون البادئ بالسـلام في بعض الأحول فقال: (( يسلم الراكب على الماشي, والماشي على القاعد, والقليل على الكثير, والصغير على الكبير )) .أهـ
 [صحيح الأدب المفرد  423] 


صفة إلقاء السلام

351ـ قال عمران بن حصين رضي الله عنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم  فقال: السلام عليك يا رسول الله,  فردَّ عليه السلام ثم جلس, فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( عشر )) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال (( عشرون )) ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس فقال صلى الله عليه وسلم  (( ثلاثون )) 
[صحيح أبي داود 5195]


صفة رد السلام

352ـ عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال كنا إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم علينا قلنا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرتة.
 [الصحيحة 1449]


تسليم الراكب على الماشي
 والقليل على الكثير

353 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( يسلم الصغير على الكبير, والراكب على الماشي, والمار على القاعـد, والقليل علـى الكثير ))
[ مختصر البخاري 2397]

354ـ عن أبي الزبير أنه سمع جابر رضي الله عنه يقول: 
       يسلم الراكب على الماشي, والماشي على القاعد, والماشيان أيهما يبدأ بالسلام فهو أفضل. 
[الصحيحة 1146قال الشيخ وله حكم المرفوع ].أهـ 

355ـ عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
     (( يسلم الراكب على الماشي, وإذا سلم من القوم أحد أجزأ عنهم)) 
[الصحيحة 1148]

356ـ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ـ رفعه ـ قال: 
     (( يُجزئُ عن الجماعةِ إذا مرُّوا أن يسلَّم أحدُهُمْ, ويُجزئُ عن الجلوسِ أن يردَّ أحدُهُمْ )) 
[صحيح أبي داود 5210]


إلقاء السلام في كل لقاء

 357ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
      (( إذا لقي أحدكُمْ أخاهُ فليسلَّم عليهِ, فإن حالت بينهما شجرةٌ أو جدارٌ أو حجرٌ, ثم لقيهُ, فلْيسلَّم عليهِ أيضاً ))
 [صحيح أبي داود 5200 صحيح موقوفاً وصح مرفوعاً][الصحيحة 186]
 
358ـ عن أنس بن مالـك رضي الله عنه قـال: كنـا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفرق بينناً شجـرة فتنطلـق طائفة منهـم عـن يمينها, وطـائفة عـن شمالها, فإذا التقوا سلَّم بعضهم على بعض.
[صحيح الأدب المفرد 773]


السلام عند القيام من المجلس

 359ـ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 
      (( إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم, فإن بدا له أن يجلس فليجلس, ثم إذا قام فليسلم, فليست الأولى بأحق من الآخرة )) 
[صحيح أبي داود 5208] 

قال الشيخ رحمه الله :
     والسلام عند القيام من المجلس أدب متروك في بعد البلاد, وأحق من يقوم بإحيائه هم أهل العلم وطلابه .أهـ 
[الصحيحة 183]     

             

السلام على الصبيان

 360 ـ عن أنس رضي الله عنه أنه مر على صبيان فسلم عليهم, وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.
 [ مختصر البخاري 2401]   

 361ـ عن سيّار قال: كنت أمشي مع ثابت البناني فمرَّ بصبيان فسلّـم عليهم, فـحدَّث ثـابت: 
       أنه كـان يمشي مـع أنس رضي الله عنه, فمـرَّ بصبيـان  فسلّم عليهم, وحَدَّثَ أنس أنه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرَّ بصبيان فسلّم عليهم 
[مختصر مسلم 1431]


سلام الرجال على النساء
من غير المحارم

362ـ عن أم هانئ رضي الله عنها قالت: ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل, فسلمت عليه فقال: (( من هذه )) قلت: أم هانىء. قال: (( مرحباً بأم هانىء ))
[صحيح الأدب المفرد1045]

363ـ عن أسماء: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ في المسجد, وعُصْبَةٌ من النساء قعود, قالت: فسلم علينا.
[الصحيحة 823][جلباب المرأة المسلمة 194][صحيح الأدب المفرد 1047].

 قال الشيخ رحمه الله :
       لقد ثبت سلامه صلى الله عليه وسلم على النساء كما في حديث أسماء وكما ثبت سلام أم هانىء, وهي ليست من محارمه, فهذا كلـه ثابت عنه 
 صلى الله عليه وسلم, فهذا هو الأصل, وأما الآثار فهي مختلفة, فبعضها تطلق الجواز  ولا تفرق بين الشابة والعجوز, فهي على الأصل, وبعضها تمنع مطلقاً, وبعضها تجيزه من العجوز دون الشابة, وبعضهم يفرق تفريقاً آخر فيمنع تسليم الرجال على النساء مطلقاً, و يجيز لهن السلام عليهم مطلقاً كما في أثر الحسن: 
         (( كن النساء يسلِّمن على الرجال ))
[صحيح الأدب المفرد 1046, حسن الإسناد ].
والذي يتبين لي ـ والله أعلم ـ البقاء على الأصل ولأنه داخل في عموم الأدلة الآمرة بإفشاء السلام, مع مراعاة قاعدة (( دفع المفسدة قبل جلب المصلحة )) ما أمكن, وإليه يجنح ما نقله البيهقي [6/461] عن الحليمي قال:
(( إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يخشى الفتنة فلذلك سلم عليهن, فمن وثق من نفسه بالتماسك فليسلم, ومن لم يأمن نفسه فلا يسلم, فإن الحديث ربما جر بعضه بعضاً, والصمت أسلم )). 
وأقره البيهقي ثم العسقلاني [11/33ـ34] 
وإن مما يحسن التذكير به, أن المنع مطلقاً مع ما فيه المخالفة للأصل والعموم كما تقدم فهو مما لا يعقل, إلا إن افترض عدم جواز مكالمة الرجل المرأة عند الحاجة أو العكس وهذا مما لا يقولـه 
عاقل. وإذا كان كذلك, فالبدأ بالسلام أمر لا بد منه في هذه الحالة. وأما في غيرها فهو موضع الخلاف, وقد تبين الصواب منه إن شاء الله تعالى.أهـ 
[صحيح الأدب المفرد 399]


حكم مصافحة النساء
غير المحارم

364ـ عن معقل بن يسار مرفوعاً:
     (( لأنْ يُطعَنَ في رأس رجلٍ بمخيطٍ من حديدٍ خيرٌ لهُ منْ أن يمسَّ امرأةً لا تحلُّ لهُ ))
 [الصحيحة 226]

 قال الشيخ رحمه الله :
       وفي الحديث وعيد شديد لمن مسَّ امرأة لا تحلُّ له, ففيه دليل على تحريم مصافحة النساء, لأنَّ ذلك مما يشمله المسَّ دون شك، وقد بلى بها كثير من المسلمين في هذا العصر, وفيهم بعض أهل العلـم, ولو أنهم استنكروا ذلك بقلوبهـم, لهان الخطب بعض الشيء, ولكنهم  يستحلُّون ذلك بشتى الطرق والتأولات.أهـ
 [الصحيحة 2/448] 

365ـ عن أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
       (( إني لا أصافحُ النساءَ, إنما قولي لمائةِ امرأةٍ كقولي لامرأةٍ  واحدة ))
[الصحيحة 529]

قال الشيخ رحمه الله :
      وجملة القول إنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه صافح امرأة قط, حتى ولا في المبايعة فضلاً عن المصافحة عند الملاقاة .أهـ 
[لصحيحة2/65]

366ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 
       (( كل ابن آدم أصاب من الزنا لا محالة, فالعين زناها النظر, واليد زناها اللمس, والنفس تهوى وتحدث, ويصدق ذلك أو يكذبه الفرج )) 

قال رحمه الله :
      وفي الحديث دليل واضح على تحريم مصافحة النساء الأجنبيات وأنها كالنظر إليهن, وأن ذلك نوع من الزنا, ففيه رد على بعض الأحزاب الإسلامية الذين وزعوا على الناس نشرة يبيحون لهم فيها مصافحة النساء, وغير عابئين بهذا الحديث فضلاً عن غيره من الأحاديث الواردة في هذا الباب. 
وقـد سبق بعضهـا ولا بقاعدة (سد الذرائـع) التي دل عليهـا الكتاب والسنة ومنها هذا الحديث الصحيح. والله المستعان .أهـ 
[الصحيحة 6/721]


السلام إذا دخل على أهل بيتٍ

 367ـ عن قتادة أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
      (( إذا دَخلتم بيتاً فسلموا على أهلِه, فإذا خرجتم, فأودِعوا أهلهُ بالسلام )) 
[صحيح الجامع 526] [هداية الرواة 4574]   

 

سلام الرجل إذا دخل بيته

 368ـ عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
      (( يا بُنيَّ! إذا دخلتَ على أهلِك فسلَّم, يكون بركةً عليكَ, وعلى أهلِ بيتكَ ))
 [هداية الرواة 4575] 

369ـ عن جابر رضي الله عنه  أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: 
     (( إذا دخل الرجلُ بيتهُ  فذكرَ الله عز وجل عند دخوله, وعند طعامه, قال الشيطان: لا مبيتَ لكم, ولا عشاءَ وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله, قال الشيطان: أدركتُم المبيتَ وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيتَ والعشاءَ )) 
[مختصر مسلم 1297]
 
370ـ عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
      (( ثلاثة كلهم ضامنٌ على الله إن عاش كُفي, وإن مات دخل الجنَّة: من دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله عزَّ وجلَّ ..)).
 [صحيح الأدب المفرد 832]

 371ـ عن أبي الزبير أنه سمع جابر رضي الله عنه يقول:
      إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم, تحية من عند الله مباركة طبية.  
[صحيح الأدب المفرد 833]  


السلام على النائم

372ـ عن المقدام بن الأسود رضي الله عنه قال: 
         (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يجيىء من الليل فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً, ويسمع اليقظان )) 
[صحيح الأدب المفرد 1028][آداب الزفاف 168]


السلام ممن دخل بيتاً ليس فيه أحد

373ـ عن مجاهد قال: إذا دخلت بيتاً ليس فيه أحد فقل: 
     (( بسم الله والحمد لله, السلام علينا من ربنا, السلام علينا وعلى عباده الصالحين ))
 [إسناده إليه صحيح] 
 
374 ـ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
      (( إذا دخل البيت غير المسكون فليقل: السلام علينا, وعلى عباد الله الصالحين )) 
[صحيح الأدب المفرد 1055] 

قال الشيخ رحمه الله : 
       ففي هذه الآثار مشروعية السلام ممن دخل بيتاً ليس فيه أحد, وهو من إفشاء السلام المأمور به في بعض الأحاديث الصحيحة ولظاهر قوله: { فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم }.أهـ 


 السلام على المصلي والرد بالإشارة

 375ـ جعفر بن عون ثنا هشام بن سعد ثنا نافع سمعت ابن عمر رضي الله عنهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قُبَاءٍ يصلي فيه, قال:
       فجاءته الأنصار, فسلَّموا عليه وهو يصلِّي قال: فقلت لبلال: كيف رأيت رسول الله يردُّ عليهم حين كانوا يسلِّمون عليه وهو يصلِّي؟ قال يقول هكذا. وبسط جعفر بن عون كَفَّهُ, وجعل بطنه أسفلُ وجعل ظهره إلى فوق.
[صحيح أبي داود 860 ]

376ـ عن ابن عمـر رضى الله عنه عن صهيب رضي الله عنه أنه قـال: مـررتُ برسـول 
الله صلي الله عليه وسلم وهو يصلِّي فسلَّمتُ عليه فَرَدَّ إشارة.
 [صحيح الترمذي 367]

377ـ عن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن جده: أنه كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي, فيرد السلام, ثم إنه سلم عليه وهو يصلي فلم يرد عليه, فظن عبد الله أن ذلك من موجدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلماء انصرف قال : يارسول الله! كنت أسلم عليك وأنت تصلي فترد علي, فسلمت عليك, فلم ترد علي فظننت أن ذلك من موجدة علي, فقال صلى الله عليه وسلم:
       (( لا ولكنا نهينا عن الكلام في الصلاة, إلا بالقرآن والذكر ))
[الصحيحة 2380]

378ـ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلاً سلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فرد النبي صلى الله عليه وسلم بإشارة,فلمّا سلّم قال له النبي صلى الله عليه وسلم :    
      (( إنا كنا نردُّ السلام في صلاتنا, فنهينا عن ذلك )) 
 [الصحيحة2917]

قال الشيخ رحمه الله :
       وفي الحديث دلالة صريحة أن رد السلام من المصلي لفظاً كان مشروعاً في أول الإسلام في مكة, ثم نسخ إلى رده بالإشارة في المدينة، وإذا كـان ذلك كــذلك ففيه استحبـاب إلقاء السلام علـى 
المصلي لإقراره صلى الله عليه وسلم ابن مسعود على (إلقائه) كما أقر على ذلك غيره ممن كانوا يسلمون عليه وهو يصلي, وفي ذلك أحاديث كثيرة معروفة من طرق مختلفة, وهي مخرجة في غير ما موضع وعلى ذلك, فعلى أنصار السنة التمسك بها, والتلطف في تبليغها وتطبيقها, فإن الناس أعداء لما جهلوا, ولا سيما أهل الأهواء والبدع منهم .أهـ
[الصحيحة 6/999]


السلام على  قارئ القرآن والمؤذن والداعي وغيرهم

379ـ  عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: كنا جلوس في المسجد نقرأ القرآن فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم علينا فرددنا عليه السلام وقال:      
     (( تعلموا كتاب الله واقتنوا, وتغنوا به, فوالذي نفسُ محمد بيده, لهو أشد تفلتا من المخاض من العُقُل )) 
 [الصحيحة 3285] 

قال الشيخ رحمه الله :
      وفي الحديث من الفقه مشروعية السلام على من كان جالساً يقرأ القرآن, ففيه رد على من قال بكراهة ذلك, وهــذا مــع كونه مجرد رأي فهو مخالف لهذا الحديث, وللعموم قوله صلى الله عليه وسلم (( أفشوا السلام بينكم )) وإذا كان قد صح إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي في مسجد قباء, ويرد عليهم إشارة بيده الكريمة, فمن باب أولى أن يشرع السلام على التالي للقرآن خارج الصلاة ويكون الرد حينئذ لفظاً لا إشارة كما لا يخفى على أولي النهى.أهـ
 [الصحيحة 7/847]

 قال الشيخ رحمه الله :
      السلام على المؤذن وقارئ القرآن فأنه مشروع والحجة ما تقدم فإنه إذا ثبت استحباب السلام على المصلي فالسلام على المؤذن والقارئ أولى وأحرى.أهـ  
[الصحيحة 1/361]


حكم التشميت وإلقاء السلام ورده والأمام يخطب

 قال الشيخ رحمه الله  :
    الإمام الشافعي رحمه الله بنى على هذا الحديث [إذا عطس الرجل والإمام يخطب يوم الجمعة فيشمته] وهو [ضعيف جداً] حكماً فقال قبله:
 (ولو عطس رجل يوم الجمعة, فشمته رجل, رجوت أن يسعه لأن التشميت سنة) ثم ساق الحديث.
وأغرب من ذلك أنه قال قبل ما سبق : ( ولو سلم رجل يوم الجمعة, كرهت ذلك له ورأيت أن يرد عليه بعضهم, لأن رد السلام فرض ) 

ففرق الإمام هنا بين إلقاء السلام وتشميت العاطس, فكره الأول دون الآخر, مع أنهما كليهما سنة إن لم نقل واجب, للأحاديث المعروفة, ومنها قوله صلى الله عليه وسلم :
380ـ (( حق المسلم على المسلم ست : إذا لقيته فسلم عليه ..وإذا عطس فحمد الله فشمته..)) الحديث رواه مسلم في (صحيحه 7/3)
وفي رواية :
     (( خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام وتشميت العاطس ..)) فالتفريق المذكور غير ظاهر عندي, فإما أن يقال بكراهة كل منهما أو بالجواز, وبكل منهما قال بعض السلف وقد ساق الآثار عنهم ابن أبي شيبة [2/120/121] وعبد الرزاق[ 3/226/228]

والذي يترجح عندي ـ والله أعلم ـ الأول لأنه إذا كان قول القائل: (( أنصت  )) لغواً ـ كما في الحديث الصحيح مع أنه داخـل في الدالة العامة في الأمر بالمعروف فبالأولى أن لا يشمت العاطس ولا يرد السلام, لما يترتب من التشويش على الحاضرين بسبب الرد والتشميت. وهذا ظاهر لا يخفى على أحد إن شاء الله. 

بل أرى عدم إلقاء السلام على المستمعين سداً للذريعة, لأن أكثرهم لا يعلم أنه يجوز الرد إشارة باليد أو الرأس كما يفعل المصلي فيرد باللفظ لأنه لا يجد في نفسه ما يمنعه من ذلك, بخلاف ما لو كان في الصلاة, فأنه لا يرد, لحرمة الصلاة و بل إن أكثرهم لا يرد فيها ولو بالإشارة مع ورود ذلك في السنة! فتأمل.

وهنا سؤال يطرح نفسه ـ كما يقولون اليوم ـ فإن سلك الداخل والخطيب يخطب يوم الجمعة, فهل يرد إشارة؟ فأقول أيضا:ً لا وذلك, لأن الرد هذا يفتح باب إلقاء السلام من الداخل وهذا مرجوح كما بيناً .أهـ
  

  لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام

381 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
     (( لا تبدأوا اليهودَ ولا النصارى بالسلام, وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ))
 [مختصر مسلم 1432]

 قال الشيخ رحمه الله :
أنه جمعنا مجلس فيه طائفة من أصحابنا أهل الحديث فورد سؤال عن جواز بدء غير المسلم بالسلام؟
 فأجبت بالنفي محتجاً بهذا الحديث, فأبدى أحدهم فهماً للحديث مؤداه: أن النهي الذي فيه إنما هو إذا لقيه في الطريق, وأما إذا أتاه في حانوتة أو منـزله, فلا مانع من بدئه بالسلام!  ثم جرى النقاش حوله طويلاً. وكل يدلي بما عنده من رأي, وكان من قولي يومئذ: إن قوله: 
(( لا تبدؤوا )) مطلق ليس مقيداً بالطريق, وأن قوله: (( وإذا لقيتم أحدهم في الطريق..)) لا يقيده, 
فإنه من عطف الجملة على الجملة, ودعمت ذلك بالمعنى الذي تضمنته هذه الجملة, وهو أن اضطرارهم إلى أضيق الطريق إنما هو إشارة إلى ترك إكرامهم لفكرهم, فناسب أن لا يُبْدَؤوا من أجل ذلك بالسلام لهذا المعنى وذلك يقتضي تعميم الحكم.

هذا ما ذكرته يومئذ, ثم وجدت ما يقويه ويشهد له في عدة روايات..أهـ 
[الصحيحة 2/318]    


  كيف يرد السلام على الكافر

382ـ عن أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
       ((  إني راكب غدا إلى اليهود فلا تبدوأهم بالسلام فإذا سلَّموا عليكم فقولوا: وعليكم))
 [صحيح الأدب المفرد838]
 
قال الشيخ رحمه الله :
      وعلل ذلك في حديث 
 383ـ ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
       (( إذا سلَّم عليكمُ اليهود فإنما يقول أحدهُمُ السَّامُ عليك فقل: وعليك))
[مختصر البخاري 2405]
وهذا يعني أن الكافر إذا سلم سلاماً واضحاً (السلام عليكم) أنه يرد عليه بالمثل, وهو الذي أذهب إليه ونصرته في الصحيحة (2/318).أهـ 
[صحيح الأدب المفرد  ص425]

 قال الشيخ رحمه الله :
      واعلم أن عدم ثبوت لفظة (النصارى) لا يعني جواز ابتدائهم بالسلام, لأنه قد صح النهي عن ذلك في غير ما حديث صحيح  وفي بعضها اللفظ المذكور, كما صح قوله صلى الله عليه وسلم : 
      (( إذا سلم عليكم أهل الكتاب, فقولوا: وعليكم )) وهي مخرجة في [الإرواء 5/111و118], والرد عليهم بـ(عليكم) محمول عندي على ما إذا لم يكن سلامهم صريحاً, وإلا وجب مقابلتهم بالمثل: ( وعليكم السلام ) لعموم قوله تعالى: { وإذا حُييتم بتحيةٍ فحيوا بأحسنَ منها أو رُدّوها } ولمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم :
            (( إذا سلم عليكم اليهود ـ فإنما يقول أحدهم: السام عليكم ـ فقل وعليك )) [أخرجه البخاري 6257]
 ولعل هذا هو وجه ما حكاه الحافظ في [الفتح 11/45] عن جماعة من السلف أنهم ذهبوا إلى أنه يجوز أن يقال في الرد عليهـم: (عليكم السلام) كما يرد على المسلم. والله سبحانه وتعالى أعلم .
[الصحيحة 5/291]   
      ______________
جامع صحيح الأذكار
من كتب العلامة المحدث محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله
جمع وترتيب : أبي الحسن محمد بن حسن الشيخ 
من [ ص ٦٠ : ٦٦ ]




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة